Feeds:
المقالات
التعليقات

Posts Tagged ‘الحب’

وصلني برودكاست مضحك عبر الواتس أب يتكلم فيه عن بعض قفشات الماضي ، ومقارنات بين قطط الماضي وقطط اليوم ، وعرائس الماضي وعرائس اليوم ( جمع عروس وهي الفتاة حديثة الزواج لا الدمية ) ، وبنات الماضي وبنات اليوم .. كل ذلك مضحك ولكنه مكرر وقرأنا أمثاله الكثير، إلى أن نحا البرودكاست منحى أكثر جدية بنفس القالب المضحك ، حين تعرض لذكريات سببت لي – لسبب أجهله- شيئاً من الغصة والضيق ..

اقرؤوا معي ، وليخبرني قرائي – من زمن الطيبين أمثالي – هل شعروا بنفس غصتي ، أم أنني فقط من تتوهم ؟

” أيام زمان : تلفزيون والعشاء نواشف ، والمروحة على 5 ، وجالس تحل واجب الخط ، كانت حياة جميلة .

كل ما تعدي طيارة  نقعد نصرخ ونعمل لهم باي باي .

كنا نستنى سنة رابعة ابتدائي عشان نكتب بالقلم الحبر.

نستنى الامتحانات عشان ما ناخذ شنطة، ونستنى وقت الشهادة  عشان نلبس حلو ونتشيك .

لما أحد من أهلك يطلب منك كاسة موية  لازم تشرب شوية وقبل ما تدخل تمسح فمك عشان ماحد يعرف أنك شربت .. أكيد أنت تبتسم الآن على الأيام الجميلة .. حاول ترسلها لأصحابك ، حتلاقي نفسك بترسم بسمة على وجوه ناس كثير .. مجرد ابتسامة وقلب نظيف ، ونفس سموحة : هكذا تعيش جمال الحياة ” .

بالفعل ، ابتسمت وأرسلتها لصديقاتي ، ولكني شعرت بالضيق فجأة .. شعرت بشوق لسماع صوت المروحة الرتيب ، لهواء الحجرة الدافئ يداعب وجهي ( عبال ما يرتاح المكيف شوية يابنتي ) ، للفرحة المعلنة التي يطلقها إعلان أمي أننا سنتعشى اليوم بروست بدلاً من البيض والجبن المعتادين ، لجلساتي المسائية مع ابنة خالتي على أرضية البلكونة ، نأكل الفصفص ونشرب البيبسي المثلج ونتفرج على السيارات المارة ، وكأن أنوار السيارات عقود الضوء معلقة على عمارة عتيقة تعلن عن مِلكة أو عرس في السطح .. هل حضرت قط عرساً في سطح ؟

اشتقت لزياراتنا لجيراننا : ألعابهم غير ، وطعامهم غير ، ورائحة بيتهم غير .. كل شيء غير ، طالما أنه مختلف عما كان عندي في البيت .. ولزيارات بيت خالي الدورية في عطلة نهاية الأسبوع : عندنا أسبوع ، وعندهم أسبوع : نفرش “الطراريح” ، ونعد أفلام السهرة ليتفرج عليها الكبار ، في حين نغرق نحن الصغار في ألعاب ممتعة : مسرح عرائس ، شركات ومدراء ، برامج تلفزيونية ، وكل ذلك تكون فيه طاولة الكوي العنصر الأساسي المهم في الديكورات ، فهي تارة خشبة المسرح ، وتارة مكتب المدير ، وثالثة طاولة مقدم البرامج .

اشتقت لذلك الفرح الأصيل بلقاء عائلة خالتي كلما قضينا العيد عندهم في الخبر – مسقط رأسي- حيث تجتمع العوائل وتوصل حبال المودة  ، نصنع الزينة بأيدينا من ورق الكريشة ، ونفتح الهدايا يوم العيد ، بتؤدة ورصانة في البداية ثم لا نملك أنفسنا من تمزيق كل شيء كالمجانين وسط ضحكات الكبار واستحسانهم ..

بعض الروائح والمذاقات لا تزال في حلقي .. هل سمعتم برائحة تجد أثرها في الحلق ؟ الحقيقة – رغم غرابتها – أني

أجد هذه الروائح العتيقة في حلقي . سرني أن  أجد أن هذا البرودكاست قد أحدث نفس الأثر في نفوس صديقاتي .. فعلمت أني لست وحدي (غاوية النكد ) ..

شاركتني صديقتي الفاتنة سارة ( هل تذكرونها ) بعضاً من ماضيها الجميل ، ووهبتني شيئاً من شذاها العبِق ، ووجدت نقاط مشتركة كثيرة ، رغم أن ماضيها في المدينة ، وماضيّ في جدة ، ولكن الزمن واحد والطفولة واحدة ، وإن اختلفت البلدان .

تساءلتُ : لماذا نجد الماضي سعيداً ، رغم أن الحاضر أيسر وأسهل ؟ فأجابتني سارة بإجابة رغم بساطتها وبدهيتها ، إلا أنها غابت عني حيناً من الدهر : الحياة البسيطة تثير المشاعر وتقويها ، وتحسسك أيام الطفولة بالدفء الاجتماعي. ثم سردت لي بعضاً من طفولتها : تنزلي عند الجيران = تسكني عند الجيران ! تنامي عند قرايبك على مراتب يفرشونها في الصالون ، تلتم الأسرة في  الشتاء على المنقل “وبكرج” الحليب ( هل ثمة من يذكر هذه الكلمة ؟) وفناجيل باعشن. الصدور كانت واسعة ولا تشعرين بالحرج لو نقصك شيء واستعرت من الناس ، والعائلة وضيوفها كلها- وأنتم بكرامة – في دورة مياة واحدة ، ولا يصيبهم الضيق لذلك ، إذ الضيق في الصدور .

ذكرت لي الذهاب للبساتين صباحاً مع العائلة ( البساتين التي كادت أن تندثر مع توسع المدينة العمراني ، والله العليم ماذا سيحل بها بعد نزع الملكيات ) والاجتماع على الفطور : جبنة ، زيتون ، شريك ، شاهي منعنش ، وأحياناً حلاوة طحينية وفول وبيض حسب التيسير . نسيم البستان المحمل برائحة الزرع ، وصوت ” ماطور” الماء لازال في أذني حتى الآن ، كما هو صوت المروحة ، وكأنه يقول : استمتعوا بلحظات عذبة قد لا تعود إليكم متعها أبداً.

أتذكر تسليتنا بالدمى على مختلف الأنواع ، وإلا فلعب بالطين في الحوش وبعلب الجبن والصلصة نصنع قوالب “الكيك” ، ونلعب الزقيطة أو أم الخمسة ونط الحبل واللب ( التيلة أو البلي ، تعددت التسميات ) ، وحينما نغافل أهالينا أحياناً لننفلت في الشارع، نشتري البليلة و “تماتيك” ، وأحياناً أيسكريم التركي أو شراب الخربز المثلج (سلاش) أو المنتو من اليمني أو المنفوش فذلك النصر المظفر .

كثير من ذكريات سارة تشابه ذكرياتي : أنا أيضاً كانت أحلى أوقاتي حين أذهب للدكان مع أخواني وأتطلع إلى الحلويات وكأنها مجوهرات بولغاري أو ساعات رولكس ، وأشتري بنصف ريال ما أعجز عن حمله ، ثم نعرج على مخبز “الهولي” لنشتري منه خبزاً لابد أن يهش له الوجه النكد ! وأتوقع أن أهل نجد يجدون في رائحة الشجر المحترق وثغاء الماشية وخوار الأبقار سيمفونية عذبة مع “ماطور” الماء نفسه الذي يمد قنوات المزرعة بالحياة .

كانت الحياة بسيطة غير معقدة .. متعبة أحياناً .. يفوتك بعض من طيباتها أحياناً لقلة ذات اليد ، أو لصرامة الأهل، ولكن كانت الألفة والاجتماع والمشاعر الطيبة هي السائدة ( غالباً) . أخبروني .. هل لا زال أحد من الأطفال في هذا الزمن يرضى أن يحمل كوباً ويذهب به إلى الجيران ويقول لهم : أمي تسلم عليكم وتقول لكم أعطوني سكراً ؟ هل  لازال أحد يرسل لقيمات وسمبوسك وبريك في رمضان طعمة للجار غير الحميم ؟ هل يستطيع أطفالنا أن يقضوا سحابة أيامهم بلا أيبادات أو أجهزة (غبية) سلبت منهم بهجة المشاعر البشرية مع أشخاص حقيقيين ، وليسوا افتراضيين يوالونهم على حساب والديهم وإخوانهم ؟ هل لا زال مسمى “العائلة” و “الجيران” بمعناها الحقيقي موجوداً ؟

أرثي لحال أطفالي وأحفادي ، حين يكبرون ويحتاجون لتحديث ذاكرتهم أحياناً ، ماذا سيسترجعون ؟ إما شاشة أيباد أو شاشة أيبود أو شاشة كمبيوتر .. فأين الحب والذكريات السعيدة والعلاقات الاجتماعية البشرية ؟ أين اللعب مع الأقران ومحبة الوالدين والإخوان ؟ بل وفي كثير من الأحيان يمتد هذا السخط لينال من الدين والأعراف النبيلة ومكارم الأخلاق بعدما انتهت السخرية من الأمور العادية ..

يضحكونني حين يسمعوننا نسترجع القديم فيقولون بنرة سخط واضحة : أيامكم كانت “بيض” !!

وددت لو أني عرفت ما المسلي في أيامكم أي بَنيّ وأنتم لا تفتؤون تشتكون : طفش ، ملل .. حتى إذا ما هممت بإلقاء محاضرة تربوية قيمة، لم ألبث أن أُذكر نفسي أن هذه حياتهم ، وأن كلامي لن يزيدهم إلا سخطاً ونفوراً .. فأخرس على مضض وأحاول أن أُغرق نفسي في بعض الذكريات ترطب شيئاً من جفاف الحياة وتهبني قبساً من دفء الماضي ..

Read Full Post »

     تداعب خيالك فكرة الزواج الثاني (أو الثالث أو الرابع)؟ تراود ذهنك فرحة العرس وما يتبع ذلك من متع غامضة؟ أستطيع أن أفهم بعض مشاعرك وإن لم أكن ذكراً ..

لن أسألك لماذا تعدد في الحقيقة .. لن أسألك  هل أنت تعدد ترفاً، أو لحاجتك الفعلية للزواج. ربما لا تكفيك زوجة واحدة مثلاً إما بسبب طاقتك الجنسية القوية، أو لأنها ضعيفة البنية، أو لأن أعمالك كثيرة وسكرتيرة واحدة لا تكفي إضافة إلى كونها زوجة ومربية أطفال وطاهية وعشيقة وقد تكون موظفة أيضًا .. لن أسألك عن أسباب زواجك فليس من الحكمة السؤال عن كل شيء ، ومادمت قد حصلت على هذا الحق بموجب الشرع ابتلاءً لك ولزوجتك فلن نقول إلا ما يرضي الرب.

تعلم أنك بإقدامك على هذه الخطوة -التي أسأل الله أن يبارك لك فيها ويهبك خيرها ويكفيك شرها- ستفتح على نفسك أبواباً من النكد كنتَ غنياً عنه، ولكن الفكرة مسيطرة، و “أولاد الحلال” مشجعون، والنفس تواقة، ولابد من الإقدام، متمثلاً بقول الأول : “إذا هممت فبادر وإذا عزمت فثابر ، واعلم أنه لا يدرك المفاخر من رضي بالصف الآخر”، والكل لا يزال يتقدم للصفوف الأولى بتعدده، فلماذا ترضى أنت بالصف الآخر، فصبراً في مجال النكد صبراً, فما نيل كامل السعادة بمستطاع.

ولما كان العيش في نكد قطعة من عذاب كانت هذه الرسالة في نقاط، من أخت شفيقة، ولا يبعد أن تكون مجربة، تريد بها لك حياة أفضل وسعادة أقرب.. ليس هدفي إقناعك بصرف النظر عن التعدد فهذا أمر لا يخصني وقد يكون عندك هدف حقيقي ومقبول، وقد تكون ممن يحب تطبيق “السنّة”.. أقصد “بعض” أنواع السنة، ولكن هدفي – مادام أن هذا الأمر الجلل سيقع- أن أساعدك في تخطي هذه المرحلة بسلام ، فالسلام النفسي والحياة الطيبة هي ما ننشد .

 

1-              رسالتي موجهة إلى نوع معين من الأزواج ، وهو الذي أحب زوجته الأولى بصدق، أو على الأقل يكنّ لها وداداً فلا يريد أن يكسر لها خاطراً أو يجرح لها شعوراً .. أما ذاك الجلف القاسي، الذي يعتبر المرأة خادماً أو رقيقاً أو دابة يقضي بها حوائجه فليس هنا مكانه ولا كرامة.

2-              استصحب في رحلتك مع الزوجات فكرة أن الرجل والمرأة جنسان مختلفان، كالبر والشعير، كالتفاح والبرتقال.. هل ترى أن التفاح والبرتقال متماثلين؟ لن تستطيع أن تحكم على تفكير المرأة بنفس تفكيرك. فما تراه أنت منطقياً تراه هي سفهاً وغباء، وكلاكما محق. هذه القاعدة أساسية جداً في تبرير بعض رود أفعالها تجاه أفعالك، واستيعاب هذه القاعدة تجعلك أكثر تفهماً وبالتالي أكثر صبراً واحتواء، إذ من الأمور المهمة التي يجب أن تعرفها عن المرأة أنها إنسانة رقيقة ومحبة ومخلصة في العاطفة، وإذا آذاها من تحب فإنها تصفح وتغفر مراراً وتكراراً أملاً في صلاحه، حتى تصل إلى نقطة لا يمكنها بعد ذلك أن تصفح، وعندها يمكنها أن تنقلب تماماً لتكره وتحقد وتكيد، لو لم يردعها دين.

3-              قبل أن تقدم على هذه الخطوة الفاصلة في حياتكما فإنه من  الوجوب العيني عليك أن تتعلم أحكام التعدد لئلا تقع في أخطاء فادحة. وأعجب جداً من البعض الذين لا يرون في الزواج الثاني فرقاً عن الزواج الأول إلا في التسبيع للأبكار والتثليث للثيبات، فيقدمون عليه كالأغرار ليفاجؤوا بعد فترة أن الأمر أكبر من ذلك، ولو فقهوا حدث الرسول ﷺ “من كان له امرأتان فما إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل” لعلموا أن الأمر جلل ..

4-              إياك أن تطلب من زوجتك أن تبحث لك عن زوجة ثانية أو تخطبها لك .. أفهم أنك تحب زوجتك حباً قوياً وأنكما متفاهمان ومتوادان لدرجة قد تنسيك أنها زوجتك. ربما شعرتَ للحظات أنها أمك أو أختك الكبرى، أو صديقك النصوح ففضفضت وطلبت منها أن تساعدك في مساعيك.. المشكلة أنها ليست أمك ولا أختك لا صديقك المخلص بالفعل ، وطلبك يطعنها في مشاعرها بشدة، في أنوثتها، في حبها وإخلاصها. قد لا تُظهر لك انزعاجها، قد لا تظهر لك إحساسها بالإهانة والاحتقار.. كونها من جنس مختلف لن يجعلها تشعر بحسن نواياك أبداً. قد تسكت، وتستمع لفضفضتك، بل وتساعدك في بحثك، ولكنها ستختزن ذلك للمستقبل وتذلك بهذه الورقة أبد الدهر!

5-              ستمر زوجتك الأولى بآلام نفسية عظيمة منذ أن تعلم بخبر زواجك وسيؤدي ذلك إلى تغيرات كبيرة لم تكن تتخيلها. ستشعر بأنك طعنتها من الخلف، وهي التي لطالما أحسنت إليك. هل يحتاج أن أخبرك عن فضلها وإن قصّرَت؟ صبرت على ضيق أخلاقك وعلى قلة ذات اليد. لعلك كنت لازلت طالباً, لعلك كنت ذا مرتب ضعيف, لعلك كنت تسكن وإياها في حجرة عند أهلك، لطالما امتنعت عن أشياء كثيرة بسببك أو بسبب أولادك (هذا شيء لن يفهمه كثير من الأزواج الذين لا يثنيهم مرض أحد الأولاد أو الزوجة عن الخروج مع “العيال” للاستراحات أو حضور المباريات)، كفتك مؤنة النظر لأطفالك؛ تدريسهم والعناية بمتطلباتهم اليومية، و البحث عن تبريرات مقنعة تواجه بها اتهاماتهم لك بالتقصير، دافعت عن تقصيرك أمام أهلها – بل وربما أهلك أيضاً – وكافحت لتفي بجميع متطلباتك ، فلا يكوننّ حظها منك إذ ألحقتَ بها الأخرى الجحود والنكران. ستشعر بالخيانة والغدر وستنهار الدنيا أمامها. قد تغشاها سحابة كثيفة من الهم، قد تكثر من  البكاء، قد تفضل العزلة والإنطواء، وكيف لا وقد أصيبت في مقتل في حبيبها وعشيقها، ويتأكد هذا الأمر لو كانت الأولى ذات عشرة طويلة.. كن رجلاً وتحمل؛ ضاعف لها جرعة الحنان، خذها في إجازة خاصة قبل زواجك -أو بعده- لتشعرها أنها لازالت عروساً بنظرك، أفِض عليها بعضاً مما رزقك الله واختزنته لزواجك الثاني، اترك لها مزيداً من الحرية في الخروج والدخول مادمت تثق بعقلها وأخلاقها، أشعِرها أنها الأولى والأخيرة وأن زواجك الثاني لن يغيرك عليها، وكن عند قولك! اصبر واغمرها بالحنان، ثم اصبر واغمرها بالحنان ثم اصبر واغمرها بالحنان حتى تتمكن من التكيف مع الأمر، ولتعلمَ أنك أيضاً تحاول التوازن مع الوضع الجديد، وستجدها –إن كنت حكيماً- قد رجعت زوجتك الحبيبة التي كنت تعرفها، إلا من شطحة هنا وهناك بين الحين والآخر.

بعض الأزواج تلتبس عليه الأمور ويعتقد أنه لابد أن “يذبح بِسَّهُ” في البيتين سواء، والذي يحصل أنه يلين الطرف “للجديدة” ليكسب ودها ويغلظ “للقديمة” لتقف عند حدها، وبذلك يكون هدم بخراقته وسوء تقديره صرحاً كبيراً شيدته هي بعرق جبينها ودموع لياليها. وكان الأجدر والأولى به أن يزيد من إكرام الأولى التي لطالما أكرمته ورعت وداده، فليست الثانية التي لم يَخبِرها بعد بأوْلى من الأولى بالهدايا والنزول في الفنادق الفاخرة وتناول العشاء في المطاعم الراقية، ولا يتحجج بأولادها الذين ترعاهم ويعيقونه عن “الاستمتاع” بها، فهم أولاده ويحملون اسمه، ولا يدري لعل مرده إليها في يوم من الأيام، وإليها فقط!

6-              إياك والمقارنة بين الزوجتين سراً أو جهراً، فهذا ظلم للاثنين معاً. فإذا نقمت على الأولى قلة عنايتها بنفسها وانشغالها بأطفالك عن القيام بحقوقك فظلم وما على المحسنين من سبيل، وإذا نقمت على الثانية بطء فهمها وعدم معرفتها بما تحبه وتكرهه فظلم إذ لا زالت “جديدة” تجهلك، وصدقني أنهما تنقمان عليك طواماً ولكنهما ترعيان مشاعرك وتحترمان مقامك فلا يكوننّ هذا جزاءهما منك . انصح وذكّر باللطف وتحمل واصبر واعلم أن هذا من أمور القوامة، فالقائد الذي له النصيب الأكبر من الكعكة والذِكر الحسن عليه أن يتحمل أيضاً النصيب الأكبر من العمل وحمل الأعباء والسياسة الصائبة.

7-              قدّر للغيرة قدرها عند الزوجتين. بعض الرجال يطلب من الزوجتين الالتقاء ببعضهما والمخالطة، بل والسكن في بيت واحد أحياناً. أعجز أن أفهم مايدور في ذهن الرجل وهو يطلب من زوجتيه هذا الطلب. هل يقصد أنهما سيتحابان بذلك ويعتادان على بعضيهما؟ هل يريد أن يريح نفسه من تغيير مكان مبيته وحمامه يومياً؟ أين تطبيق السنّة الذي رفع رايته عندما أظهر نيته في التعدد؟ هل أسكن النبي ﷺ  زوجاته في بيت واحد وهم الذين كانوا في مجتمعٍ أَكَل وشرب وهضم فكرة التعدد؟ حينما تطلب من زوجتيك المخالطة فأنت تعيش في عالم من الأحلام السعيدة نسجته القصص التي انتشرت عن الزوجة الصالحة التي كانت تؤوي إليها أطفالها وأطفال “جارتها” لينعم “شهريارها” بالراحة في يومه عند الثانية، ثم تفعل الثانية الصالحة الشيء ذاته في يوم الأولى. ماذا عن الغيرة ؟ هل حسبت لها حساباً في أحلامك؟ الأولى تغار من الثانية و”تفترض” أن فيها كل المواصفات التي تفتقدها في نفسها : القد الحسن، خلوها من الأطفال المزعجين، الوقت الكافي لتتزين وتتثقف وتمارس هواياتها الشخصية، بل وربما تسافر مع الزوج لأنها “خالية”، والثانية تغار من الأولى التي تحفظ زوجها عن ظهر قلب، وتكفيها الإشارة لتفهم ما يريد. التي لا يزال زوجها يحبها ويقدمها علي الجميع، بل وربما أخطأ ونادى الثانية باسم الأولى، والأدهى أن يناديها باسم الأولى مرخمًا (اسم الدلع).

8-              لا تحكِ لزوجتك عما يحدث بينك وبين الأخرى. أكرر، هي ليست أمك ولا أختك ولا صديقك الصدوق، وقد تصدر منك كلمة تجرحها أو تضايقها دون أن تلقي لذلك كبير بال. فضلاً تذكر النقطة الثانية عن اختلاف الجنسين. قد تظن أنك تريد مشورتها، لكن دعني أخبرك، مهما بلغت ديانة المرأة فإنه ليس من الحكمة أن تستشيرها في أمر الزوجة الأخرى، إذ هي خصم، والغيرة جبلّة قتّالة، والموفق من يعصمه الله، وأنت لا تعلم هل ستكون زوجتك من أولئك الموفقين أو لا.. أنصحك ألا تقامر!

9-              لا تستمع إلى الكلام السيء الذي قد تصدره إحداهما عن الأخرى فهذا كلام أقران وكلام الأقران لا يُلتفت إليه ، والشيطان ينفث والغيرة تعصف .. كن رجلاً، واترك عنك ما تتكلمان به عن بعضهما البعض، بل كن رجلاً وتصدَّ بحزم لفعلهما وفي الوقت ذاته انظر في نفسك ما الذي دعاهما لهذا الكلام، لعلها كلمة ألقيتَها أشعلتَ بها نار الغيرة، ربما هدية خصصتَ بها إحداهما وعلمت بها الأخرى، ربما قرينات سوء، ربما ضعف تدين .. المهم ألا يترتب على هذا الكلام السيء تبعات في نفسك إلا البحث و التقصي عن السبب، ثم اتخاذ العلاج اللازم الحاسم .

10-         أخيراً، لا تحمل في نفسك عليّ إن كنت أغلظت لك القول، ولكنك الطرف الأقوى في هذه المعادلة، وما خصك الله به من فضل لابد أن يُحمل على محمل التكليف لا التشريف، فالشريف شريف بفعله لا بمنصبه.

Read Full Post »

الدنيا تدور بك، يلفك الشعور بالغدر والخيانة, تتهاوى أمام عينيك سنين حياتك وشبابك الضائع وعافيتك المهدرة، اغبرت أحلامك الوردية بحياة هانئة مع فارس الأحلام الذي – غالبا- ما ترجل عن فرسه ويكاد يمشي متكئاً على عكازه.. كل ذلك حين عرفتِ أو أخبرك هو أو وشى واشٍ – لا يهم- بأن زوجك تزوج ..

قد ينزل عليك برود ثلجي وقد تنهارين باكية، وقد يُغشى عليك.. تتفاوت ردود الأفعال، ولكنك بالتأكيد ستشعرين – ولو لوهلة- بأنك طُعنت من الخلف.. بأنك حائرة, خائفة, بأنك في صحراء وحيدة فريدة بعدما خذلك أقرب الناس إليك. عندها تتجلى أعراض الصدمة العاطفية، كلها أو بعضها: الإنكار و عدم التصديق في البداية، ثم الغضب والتهيج، ثم الشعور بالذنب وإلقاء اللائمة على النفس ثم الغرق في الحزن العميق واليأس، وقد يصل الأمر إلى القلق والخوف والرغبة في اعتزال الآخرين والاكتئاب.. ثم تأتي ثالثة الأثافي حين يبدأ “المخلصون والمخلصات” بإسداء “النصائح” المهلكة من ترك المنزل وطلب الطلاق و رمي الأولاد ومحاولة تذكر سيئاته لتكرهيه والتنكيد عليه بل وربما اللجوء للسحر … الخ

ولما كان العيش في نكد قطعة من عذاب كانت هذه الرسالة في نقاط، من أخت شفيقة، ولا يبعد أن تكون مجربة، تريد بها لك حياة أفضل وسعادة أقرب.. ليس هدفي إقناعك بأهمية زواج زوجك فهذا أمر لا يخصني وقد لا يكون زواجه لسبب مهم أصلاً، ولكن هدفي – مادام أن هذا الأمر المؤلم قد وقع- أن أساعدك في تخطي هذه المرحلة بسلام ، فالسلام النفسي والحياة الطيبة هي ما ننشد.

1-      ضعي في اعتبارك أن رسالتي هذه لا تشمل كل من تزوج عليها زوجها ، وإنما تختص بمن تزوج عليها زوجها وهو يحبها وهي لا تريد أن تفارقه ، فلا يدخل فيها من أراد التزوج هروباً من زوجته أو كرهاً لها أو تخلصاً منها ، أو من عافته نفسها فلا تريد معه بقاء .

2-       ما تشعرين به من مشاعر سلبية كلها حق ، ويحق لك ، فليس من السهل أن تعيشي مع شخص قد تكونين وهبت له كل حياتك ، وأخلصتِ له في العطاء “فيكافئك” بضرة “تضرك” في سعادتك وتقاسمك أيام زوجك وأمواله واهتماماته .. لك كل الحق في مشاعرك ، ولكن نصيحة مني ، لا تتمادي في هذه المشاعر .. أعط نفسك حقها في الغضب والاستياء والحزن دون أن تتلفظي بما يغضب الرب، لشهرين أو ثلاثة ثم حاولي أن تتوازني من جديد .. إذا أردتِ أن لا تعيشي في نكد ، فلابد أن ينبع ذلك من أعماقك وتكونين أنت طبيبة نفسك ، فتنتشلينها من أحزانها في الوقت المناسب وتضعينها على المسار الصحيح .. استعيني بالله، وتذكري حقيقة الحياة الدنيا وما جُبلت عليه من أكدار، واتخذي صديقة عاقلة لتنير لك الدرب إذا أظلم.. بعض الناس يهوون العيش في جو النكد والحزن ، ويعتبرون ذلك رومانسية ، يذكون أوارها بالتفرج على الصور القديمة والاستماع إلى الأغاني العاطفية ، وتذكر الذكريات السعيدة ، فتعلو التنهدات وتنسكب العبرات و… مهلاً مهلاً.. (ترى الرجّال تزوج بس ما مات).. وأكاد أسمع إحداكن تهتف من الخلف: ليته مات ولا تزوج!

3-   لماذا تزوج ؟  أنت – تقريبا- ممن قيل فيهم: كامل الأوصاف فتنّي! جميلة ولبقة، وطباخة ماهرة، ولماحة، وأنجبتِ له البنين والبنات، ولم تنقصي في حقه شيئاً، فلماذا تزوج؟ “فراغة” عين؟ غدر وخيانة؟ ينقصه شيء؟ ربما، وربما لا.. أياً كان السبب، فليس في الشرع ما ينص على وجوب وجود سبب قوي لإباحة تعدد الزواج للرجل، فهو مباح على الإطلاق مادام قادراً وعادلاً في النفقة والمبيت .. ولكن دعيني أسألك سؤالاً مماثلاً : لماذا أنجبتِ طفلك الثاني، والثالث والرابع ؟ لِم لم تكتفي بالأول ؟ هل إنجابك للبقية غدر وخيانة له؟ هل ضَعُف حبك للأول أم هو باقٍ على حاله؟ ألا تسمعين أن حب الأم الأعظم -غالباً- لبِكرها، وأن هذا الحب يصمد على مدى السنين مالم يحوّل بكرها مساره فيصبح عنيداً، سيء الطباع، متوحشاً.. واللبيب بالإشارة يفهم !

4-   ينبغي التنبه إلى حقيقة تغيب كثيراً عن أذهان الناس حين يتعامل الجنسان معاً، وهي اختلاف طبيعة الرجل عن طبيعة المرأة، فيظل كل جنس يعامل الجنس الآخر كما لو كان مثله في تفكيره وردود أفعاله وتفضيلاته، والحقيقة أن كل جنس يختلف في كثير من الأمور عن الجنس الآخر، ويجب أن يعي الطرفان هذا الأمر لتجنب المشاكل ، سواء كانت العلاقة علاقة زواج أو أخوة أو عمل.. لماذا تزوج؟ تزوج لحاجة في نفس الرجل من حب النساء وفرض السيطرة والهيمنة وحمل المسؤولية والقيادة .. أشياء لا تكاد تستوعبها النساء جيداً، لأن الطبائع تختلف.. المهم أن تحذفي عن رأسك فكرة الخيانة.. لا تنسي أن ثقافة المجتمع على تخوين من يفعل ذلك، مع اعتقاد حلّه له بموجب الشرع.. حلال ولكنه خائن.. تناقض، أليس كذلك؟

5-  تذكري أن الشيطان للإنسان بالمرصاد، وأن أحب ما يكون للشيطان افتراق الزوجين، فيحاول أن يوقع بينك وبين زوجك بالوسوسة لكليكما . أنظري معي لهذا السيناريو المحتمل: قد تلحظين أن الزوج يسيء التصرف أحياناً، فيتكلم بفظاظة أو يتصرف بجفاء أو يسيء التعامل فيبخل أو يقصر في واجباته وذلك منذ الأسابيع الأولى لزواجه، فيقع في نفسك أنه زهد فيك، أو أن الأخرى قد غيرته وسلبت لبه وأنسته إياك، فهنا يتحرك الشيطان ويوسوس لك ليحدث أحد أمرين: إما أن تسوء طباعك كنتيجة تلقائية للدفاع عن “ممتلكاتك”، أو يغشاك حزن قوي و همّ ثقيل فتكاد عيناك أن تفقد بريق الحياة.. لا أريد لأي من الأمرين أن يحدث.. لنغير بعض الشيء من طريقة تفكيرك في السيناريو السابق.. ماذا لو فكرتِ أن زوجك –وأكرر ، الزوج الذي تزوج وهو يحبك- ارتبك في هذا الوضع الجديد: امرأة جديدة يراها حين يستيقظ، رائحتها مختلفة، ضحكتها مختلفة، طبخها مختلف، غنجها وغضبها مختلف، عليه أن يعتاد الآن هذه الحياة الجديدة جداً بعدما اعتاد على حياته الأولى معك، ولاشك أن سيقع في خراقات كثيرة حتى يتوازن، كوني صبورة ولا تجعلي للشيطان عليك سبيلاً. سيحتاج إلى بعض من الوقت ليتوازن بينك والثانية، كما تحتاجين أنت للكثير من الوقت حتى تتوازني بين الطفل الأول والتالي!

6-   شبه قاعدة: الزوجة الأولى تحظى بميزات لا تكاد توجد في غيرها، فهي حبه الأول، أول من قبّل، وأول من جامع، صاحبها في شبابه، في صبوته، صفا لها وداده وهشت لها نفسه.. وكان قلبه خالياً من غيرها فتمكنت، ولو أتت له بعيال فقد حازت المكان الرفيع والحظوة العالية .. أين للثانية كل ذاك المجد؟ تزوجته الثانية وقلبه مشغول بحب الأولى التي تعرف ما يحب فتفعله وما يكره فتتجنبه، وعلى الثانية طريق طويل مليء بالصعاب لتستكشف مجاهيل هذا الزوج الجديد، وللأسف لن يتسنى لها ذلك كل يوم ، وإنما كل يومين!! هل علمتِ مقدار ما تتقدمينه عن الثانية المسكينة؟ ولكن احذري.. لاتغتري بهذا المجد إذ أنه سرعان ما يتهاوى أمام سوء أخلاقك وشراستك التي قد تلجئين إليها دفاعاً عن “ممتلكاتك”.. الحقيقة أنه ليس ملكاً لك ولا لها.. هو مِلك نفسه، وسوف يعذرك في البداية ولكن لا أعدك أن يستمر ذلك إن طال عليه الأمر، وسيبدأ بالانتباه إلى أن هناك أخرى تحاول جاهدة الوصول إلى المكانة الأولى في الحين الذي تتراجع فيه صاحب المكانة الأولى بسوء أخلاقها.

7-   لا  تجعلي زوجك محور حياتك التي عليه تدور.. نعم، هو جنتك ونارك في وجوب طاعته بالمعروف، ولكن من قال أنه يجب أن يكون مصدر سعادتك وتعاستك؟ هناك أمور أخرى غيره يجب أن تشغل بالك، وأولها وأحقها: نفسك.. لا تجعلي زواجه بالثانية يطفئ عليك سعادتك وثقتك بنفسك.. ابحثي عما يسعد خاطرك.. قد تجعلك هذه المحنة تكتشفين مواهب وقدرات ما عهدِتها في نفسك من قبل فالمحن تولّد المنح.. ابحثي عن المنحة في زواج زوجك: ستجدين وقتاً لممارسة هواياتك التي كادت أن تندثر، ستجدين وقتاً لمزيد من البر للوالدين، لمزيد من التثقف والاطلاع، لأعمال تطوعية تزيدك سعادة بمذاق الإنجاز الرائع.. بل ولو لم يكن في زواجه بأخرى إلا الفوز ببعض الراحة من الارتباطات الزوجية (التي تشتكين من كثرتها في العادة) لكفى( وأنت عارفة وأنا عارفة!!).. أقول: قد تكونين ممن يهوى مزاج الحزن والنكد فتصر على التذكير بأنها لا تريد هوايات ولا إنجازات، وإنما تريد زوجها لها فقط، عندها لا أملك إلا أن أقول لك: الله يعينك..

8-  مالم يشتكِ منك زوجك تقصيراً معيناً فكوني كما أنت.. لا تحاولي أن تلعبي دوراً ليس دورك أو تعيشي شخصية ليست لك معتقدة أن هذا التغيير سيجعله يزيد في حبك.. هو يحبك كما أنت فلا تغيري قفل الباب.. المفتاح الذي معه لبيتك يفتح القفل القديم لا الجديد..

9-  ارفضي مقابلة الزوجة الثانية على الأقل في السنة الأولى مهما حاول الزوج أن يقنعك.. هذه من خراقات بعض الأزواج، يجسبون أنهم بذلك يؤلفون بين قلبي الزوجتين وإنما هم يضرمون نار الغيرة ويفتحون لأنفسهم أبواب المشاكل. أذكرك ثانية بوسوسات الشيطان الذي سيجعلك ترين كل ما هو جميل فيها ويغض طرفك عن كل قبيح، في حين يفعل العكس معك .. ستنتبهين فجأة إلى كبر سنك(ولو كنتِ أصغر من زوجك بعشر سنوات) وإلى شعيراتك البيضاء و(كرشك) الصغيرة وربما ستنقمين على اسمك الذي لا يحوي نفس (الدلع) الذي يحويه اسمها.. سأفشي لك سراً.. سنك الكبيرة تمثل له العشرة الطويلة بينكما، وشعيراتك يراها صبراً على نزواته شاباً و نزقه كهلاً، وكرشك فمصدر أبنائه الذي يفخر بهم، أما اسمك فستضحكين لو علمتِ أنه سيظل يناديها باسمك أنت لفترة لا بأس بها من الزمن. المهم أن ترفضي مقابلتها مهما تعذر لك حتى تستردي ثقتك بنفسك وبمكانتك عنده، والأهم من ذلك أن تمتنعي عن اللقافة والتجسس على جواله لقراءة الرسائل بينهما أو الاطلاع على أوراقه الخاصة، فمن حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه، وقد تطلعين على ما يسوؤك فتظلين في نكد أنتِ في غنى عنه .

10-                     وأخيراً، إياك والنظر إليها على أنها عدوة.. لا أدعوك لاتخاذها صديقة ولكن لا تعاديها، فليس هناك ما يدعو إلى ذلك.. هي امرأة تبحث عن مصلحتها كما تبحثين أنت عن مصلحتك.. تريد أن يضمها زوج ويحنو عليها ابن.. ضعي نفسك مكانها ولا تخبريني أنك لو كنت مكانها لما قمت بهدم بيت من أجل سعادتك.. أرجوك دعينا من هذه المثاليات فأنا منذ البداية كنت صريحة معك ولم أ غشك! لا تعرفين لو كنت مكانها ماكنت ستفعلين!! أحسني إليها إن كانت تستحق الإحسان أما اللئام فليس لهم إلا التجاهل.. أحسني إليها وليكن تعاملك لها تعاملاً مع الله .. أحسني فلعل الله ينفعك بها أو بولدها يوماً من الدهر..

أما أنت أيها الزوج الذي تقرأ فرحاً بما خطه كيبوردي، لك تدوينة خاصة بك، فانتظرها !!

Read Full Post »

الحياةُ لوحاتٌ زيتية رُسمت على قماش فاخر ، أم أن اللوحات هي التي تحكي الحياة ؟ من هواياتي الأثيرة أن أفتح عينيّ جيداً ، وأتجول في معرض لوحات الحياة مع جزءٍ فضوليٍ من نفسي ، وأستمتع بشيء من التطفل و التخيل لأسبر أغوار النفوس البشرية . كم نرى من مشاهد ظاهرها يخفي كثيراً من حقيقتها .. بعض المظاهر خداعة ، وتحتاج منا لكثير من البصيرة لنقرأ ما بين ضربات الفرش ، فإذا فعلنا انقشعت عنا حُجبٌ ، وتكشفت لنا حقائق بإمكانها -إذا تدبرناها- أن تجعل حياتنا أكثر جمالاً .. يكفي بذلك أننا ننسى كثيراً من واقعنا المؤلم ، يكفي أننا نغرق في دقائق ممتعة من خيال لذيذ ، يكفي أننا قد نفلح في تلمّس بعض النعم التي غفلنا عنها .

بعد فضولي الذي طال النوافذ والستور المرخاة في تدوينتي الأولى ومن الفضول ما يُحمد والتي لاقت نجاحاً كبيراً بفضل الله ، فسيسعدني أن أطرح عليكم المزيد بطريقة مختلفة قليلاً ، فهلا مشيتم معي في هذا الممر من معرض لوحات “الحياة”، لأريكم بعض النماذج؟ ستحتاجون أولاً لإعمال شيء من فضولكم ، ولا تخافوا ، فإن بعضاً من الفضول لن يضر !

هذه لوحة تصور لي رجلاً ، يقود سيارة مهترئة وسط شارع مليء بالسيارات الفاخرة . ينظر إليها جزئي الفضولي فيقول : انظري إلى هذه السيارة “المقربعة” ، والمشكلة أن صاحبها يضحك .. كيف يمكن له أن يضحك وهو يقود شيئاً كهذا؟ لو كنت مكانه لأرخيت رأسي خجلاً وأنا أمر إلى جانب كل هذه المراكب النظيفة .. أتطلع إليه متفحصة.  بالفعل ، باب سيارته ساقط ، فهو يمسكه بيد ويقود سيارته باليد الأخرى، باب الراكب المجاور منبعج انبعاجاً قوياً ، وفي الخلف تراصّ خمسة أولاد بطريقة فنية ما ، ومع ذلك فصوت المذياع يصدح ، وضحكات الأطفال تغطي صوت المذياع ، وأكاد أسمع صوته يرد ساخراً : “لو رأيتِ الحادث الشنيع الذي بسببه اهترأت هذه السيارة وخرجتُ منه وأولادي سالمين بلا خدش واحد لعلمتِ أنه يحق لي أن أضحك وألا أتحسر بعد ذلك اليوم على ضياع أي شيء دنيوي. لقد عاينت الموت لثوانٍ ونجاني الله ، فعلى أي شيء آسف ، ومن أي شيء أخجل ؟ ولكن البشر غالباً ما يصابون بضعف شديد في البصيرة”!

وهنا لوحة تحكي طالباً في كلية الطب الخاصة ، يلبس ثياباً جيدة ويضع عطراً فاخراً ، يحضر محاضراته بكل جدية واجتهاد ، ويتكلم برقي وأدب .. أنظر إليه فيتساءل جزئي الفضولي: محترم جداً! وددت لو رأيت بيته! فأتخيل داراً فارهة ، كثيرة الحجرات ، عالية الأسقف ، تحيط بأسوارها أشجار جوز الهند، وتصطف في مرآبها بضع سيارات ثمينة ، وإلى جوار مسبحها الكبير يتمشى الجنائني وهو يرمق المياه الزرقاء ويتلمظ محدّثاً نفسه أن يرمي بنفسه في المياه الباردة لتنقذه من لهيب الصيف الرهيب ، وليطردوه بعد ذلك . يلتفت إليّ الفتى في الصورة فيبتسم ويقول : أخطأتِ في خيالك .. وأراني في مخيلتي بيته ؛ الحي بائس, شوارعه مليئة بالحفر الرطبة .. الجرذان تمشي إلى جانبك لتدلك إلى أي دار تريدها، وصناديق القمامة الكبيرة تؤوي عشرات القطط الضالة ذات الأعين العوراء أو الذيول المقطوعة . وقبل أن يعترض جزئي الفضولي، يرفع الفتى أصبعه ويقول : “لحظة ! أنا في هذه الكلية في منحة لتفوقي ، فلم أدفع ريالًا واحداً، أما هذه الثياب فقطع نظيفة تبرع لنا بها بعض المحسنين ، ومالي في كل هذا البذخ الذي تراه إلا العطر الذي وضعته .. وللمعلومية ، فإنه مقلد! هل تستكثر عليّ عطراً مقلداً لا أعرف متى سيصيبني بالأكزيما ؟ أما عن الأدب ، فمن قال أن الأدب ملازم للغنى ؟ ظننت الأمر واضحاً ، ولكن يبدو أن البشر غالباً ما يصابون بضعف شديد في البصيرة”!

انظروا إلى هذه اللوحة ، تصور مهرجان الزهور الذي يقام في مدينتي كل سنة . تدغدغ الألوان الجياشة مشاعري ، وأشعر بها تكسر برفق أشعة الشمس الصارمة المسلطة على رؤوسنا كالحراب. ألمح زوجين مسنين بعض الشيء من دولة آسيوية يتمشيان معاً. يقفان أمام كل مجموعة ليتحدثا برهة قبل أن يخرج الزوج آلة التصوير ليصور امرأته ؛ ارفعي يدك إلى خصرك ، أميلي برأسك ، تلثمي بالطرحة في غنج ، وهي تمتثل وتضحك في دلال ، ثم يمشيان معاً ليتوقفا ثانية فيصورها بكاميرا الآيباد هذه المرة متبعاً نفس الخطوات السابقة ، افعلي كذا وكذا .. وتساءل جزئي الفضولي : انظري إليه ، يصورها بكل آلة تصوير متاحة ، ولو أتيح له أن يحضر مثّالاً لأحضره وصنع لها تمثالاً .. هل يحبها بالفعل ، أم أنه يفعل ذلك لأنه لا خيار له غير ذلك ؟ التفت إليّ الزوج على وجهه مسحة غضب وخوف معاً ، وقبل أن يتكلم بكلمة لذت بالفرار ، وأنا أعنّف فضولي وأطالبه بالتفرج في صمت .

توقفت طويلاً أمام لوحة جُدل إطارها بألياف الصبر والحب. هاهو رجل في الخمسينيات ، يرتدي ثوبه الرمادي الرث، يمشي مثقلاً بأكياس متخمة بأطايب اشتراها للتو من البقالة ، وعائدٌ إلى داره القريبة . أتفرس في الأكياس بفضول فأرى عصائر وحلويات ، وفواكه الموسم وحليبَ الصغير . يدخل على أسرته مستجيراً بالله من حرارة الجو وينادي في تعب على أطفاله الذين يهرعون ليتلقفوا ما أتاهم به والفرحة تشع من وجوههم الصغيرة التي لم تتغضن بعد، تستنشق ابنته أحد الأكياس بنهم لتملأ رئتيها من رائحة الفاكهة الطازجة ويرتفع صوت أحدهم بلثغته المحببة : بابا ، زا اللاتِب ؟ فيومئ إليه بحب ويحضنه ويلثم فاه ثم يدس في فمه قطعة شوكولاتة صغيرة . أمشي في سعادة وأمان الدنيا يغمرني ، وحنان الأب يفيض عليّ من تلكم اللوحة ، وطعم الشوكولاتة لا يزال في فمي .

ماذا عن اللوحة المشرقة  في الركن؟ اقترب  لتراها! هاهي امرأة في أواسط الستينيات ، مات عنها زوجها منذ أمد ، وتزوج آخر أولادها قبل خمس سنوات وعاشت في وحدة مع خادمتها تنتظر إطلالة أولادها عليها يومياً حسب جدول مرتب. منذ أن غادر آخر أولادها المنزل كان أمامها أحد اختيارين : أن تؤمن بانتهاء مهمتها في الحياة وتستسلم لفكرة الموت والتلاشي ، أو أن تبدأ حياة جديدة . لحسن الحظ أنها اختارت الثاني . بدأت في ممارسة الرياضة  ، إذ الرياضة من أفضل الوسائل التي ترفع هرمون السعادة (دون أن ترفع الوزن كالشوكولاتة) وتحافظ -في الوقت ذاته- على قوة البدن ، وبالتالي على صفاء الذهن ، فكانت تمشي مع خادمتها يومياً في الشارع العام حيث تشعر بأمان أكثر من الأحياء المجاورة الممتلئة حُفراً وسوائل لا تعرف مصدرها ثم تعود إلى بيتها وتفتح النافذة وتمد ساقيها في أشعة الشمس التي تنتشر سريعاً على أرض الحجرة . تسلي نفسها بقراءة كتاب ، أو تفتح المذياع على برنامج الأسرة الصباحي وتقوم بتمارين التمدد التي رأتها في يوتيوب، وبعد أن تنهي وردها اليومي من القرآن تشرع في “ساعة التعلم” كما تحب أن تسميها حيث حمّلت لها ابنتها عدة تطبيقات تعليمية تحرك بها ذهنها وتقوي ذاكرتها ، وكان آخرها تعلم اللغة الإسبانية . تذكر عندما هتفت بها ابنتها : لماذا الإسبانية ؟ فقالت ضاحكة : لأن اليابانية صعبة . والحقيقة أنها تتقن الكلمات الأساسية من الانجليزية والتي لن تحتاج إلى غيرها ، ولكنها أرادت أن تثبت لنفسها بتعلمها الإسبانية أنها لا تزال تتمتع بذهن قوي متفتح .. المسألة كلها تدور حول إثبات النفس ، حول الشعور بالقوة والقدرة على البذل ، حول عدم اليأس والإحساس بالوهن الذي يميت قبل الموت ، لهذا قبلت التحدي غير المنطوق من قِبل أولادها وطالبت بالآيفون والآيباد وشاركت في تويتر وفيس بوك وانستغرام وهي تقول : من قال أن مثل هذه الأمور حكر على الشباب ؟  أعطونا فرصة أو اثنتين لنثبت لكم أننا نستطيع .. وفازت بالتحدي .. انصرفتُ عن هذه اللوحة وقد خُيل إليّ أن المرأة تبتسم لي وترفع إبهامها مشجعة وهي ترتدي حذاء الرياضة .

طيب ، هذه اللوحة .. هذان زوجان يستعدان للسفر إلى البعثة ويودعان أهليهما .. الزوج يسمع للمرة الثامنة عشر بعد المئة والألف التوصيات على زوجته ، من أمها وجدتها ، وخالتها وعمتها وامرأة أبيها وخالة عم جارتها ، فيبتسم بتصنع ويقول للمرة الثامنة عشر بعد المئة والألف : أكيد ، “سما” في عيوني ، لا توصي حريص الخ الخ الخ . ترفع “سما” بصرها إليه فتكاد تتلقف الضجر والملل بيدها وهما يتقافزان في عينيه، وتتعجب ، ما كانت تعهد في نفسها القدرة على قراءة لغة الأعين ، أم أن لغة الأعين سهلة وواضحة لكل ذي لب . وفي ذهنه يتعالى السخط .. كلهم يوصيني على “سما” ، حتى أمي وأخواتي ، لكن من يوصي “سما” عليّ ؟ أم أن الرجال لا بواكي لهم؟

ما رأيكم بهذه اللوحة الملونة بألوان الباستيل الجميلة ؟ هذا خالٌ شاب ، أو ربما يكون كبيراً بعض الشيء. تأتي أخته  من بلد زوجها بأبنائها لتقضي مع أهلها شهراً من عطلة الصيف . لم يسمح زوجها لها بالذهاب إلا شريطة أن تصطحب أبناءها معها ، حيث لا شيء إلا الملل .. ينبري هذا الخال فيحمل على عاتقه إسعاد أبناء أخته ، يلعب معهم ألعاب الكمبيوتر ، ويصيح معهم في حماس كلما أحرز أحدهم هدفاً ، يمشّيهم، يشتري لهم الحلوى ، يأخذهم معه إلى المسجد، يصطحبهم إلى محل الألعاب ليشتري لهم هدايا النجاح، أو إلى المكتبة ليبتاع لهم قصصاً جديدة ، حتى صار هذا الخال من أحب ما يكون في حياتهم . وتمر الأيام ويكبر الأطفال ليصيروا شباباً أو مراهقين ويكبر الخال، فلا تعود ألعاب الكمبيوتر تسليهم، ولا يعودون يهتمون بالمكتبات ولا دكاكين الألعاب، يقدمون مع والدتهم إلى بلدها وقد لا يقدمون ، يسلمون على الخال تسليم الغريب ويمضون ، قد يتذكرونه باتصال بين الحين والآخر وغالباً ما ينسون. فجأة صار هذا الخال مملاً، و”قديماً”. ما هذه المرارة في فم الخال ؟ ماهذه الصور الباهتة التي يراها في خياله لأطفال صغار نسوه وما نسيهم؟ ولا زال في العيد بالهدايا يذكرهم ؟ قد يكون خالاً أو عماً ، قد يكون جداً أو مثل ذلك من الإناث.. أغادر ، ويهتف فضولي رغماً عني وعنه:  “ما يستحوا”!

هذه اللوحة الأخيرة، تبدو وكأنها لوحة إعلانية لقرطاسية .. الله .. أحب القرطاسيات .. أتمشى فيها بشغف كما تتمشى إحداكن في محلات العطور والمكياج . رائحة الأوراق تسحرني كما تفعل بكم رائحة القهوة الغنية ، أحب الأقلام الخشبية الملونة ، أحب أشكال الصلصال والأعمال الفنية المزركشة ، أحب الدفاتر السلكية الكبيرة ذات الأغلفة الكرتونية المبهجة ، أحب هذا العالم باختصار . ومن  منا لا يحبه ؟ أقصد ، هناك البعض ممن لا يحبه . أقف عند المحاسب ويقف أمامي رجلٌ في الخمسينيات يرتدي ثوباً رمادياً رثاً، وثلاث بنات في الابتدائية يقفن إلى جواره في صمت ويتطلعن إليه في رجاء ، وتمسك إحداهن صغيراً فضولياً يمد يده القصيرة للأرفف العالية محاولاً اصطياد أي شيء .. يخيل إليّ أني رأيت هذا الرجل من قبل، ولكن أين؟  اصطفت أمامه كومة من طلبات المدارس : أستطيع أن أميّز الصلصال ، ومسدس الغراء ، وألواح الخشب الخفيفة ، ومريلة المطبخ ، ونوعين من الألوان ، وأشياء أخرى خفيت عليّ . رأيته يخرج محفظته ويعدّ “أمواله” ثم ينقد المحاسب الثمن : فكة رهيبة من عشرات وريالات ، ليس فيها ورقة واحدة لمئة كاملة .. أكاد أسمع تأوه قلبه المنفطر من هذا الغلاء وكثرة الطلبات . ويعلو صوت الصغير : بابا ، خلّث اللاتِب ؟ فيبتسم الأب في وهن ويحمله بيده ، ويناول بيده الأخرى الأكياس لبناته فيتلقفنها في سرور وحماس.. لعل هذا السرور هو ما يطفئ لهيب قلبه .. أخرج جوالي في عجلة وأنظر إلى التاريخ الهجري وأنا أبتعد عن اللوحة فأجده الخامس من الشهر!

والآن ، ماذا عنك ؟ هلا أخبرتني عن لوحات أعجبتك ؟

سأقوم بإهداء ثلاث نسخ موقعة من كتابي ” الحياة الجديدة ، أيامي مع سرطان الثدي ” لأفضل ثلاث تعليقات عشوائية تردني هنا في المدونة ، أو تويتر @hannooti   خلال الأسبوع الأول من إطلاق هذه التدوينة .. تابع التعليقات بين الحين والآخر ، قد يحالفك الحظ .

Read Full Post »

هل تصبرون معي لقراءة ذكريات لن تهمكم ، لعلكم تجدون في بعضها بعضاً منكم ، فالذكريات كثيراً ما تتشابه ، وما ألذ حديث الذكريات السعيدة ، وهي لعمر الله من المتع المبهجات..

إن لم تطلع على الجزء الأول من  استجلاب الذكريات ، فلعلك تفعل الآن ..

في الإجازة الصغيرة منتصف الفصل الدراسي ذهبت في زيارة شائقة إلى الذكريات .. إلى مسقط رأسي .. إلى الخبر الجميلة على الساحل الشرقي .

كانت هذه المرة الأولى التي تجتمع فيها كل هذه العوامل معاً منذ 31 سنة : أذهب أنا وأمي أخي إلى الخبر لأرى جميع أهلي هناك .

هل لي أتحدث عن انطباعاتي عن تغير الدرجة الأولى في الخطوط السعودية عنها قبل ثلاثين سنة وتردي خدماتها ومقاعدها ووجباتها أم أجعل التدوينة خالصة لسرد الذكريات ؟

لا داعي لحرق الدم ، أليس كذلك ؟ حسناً , لننطلق إلى الساحل الشرقي .

حين هبطت في المطار الجديد – بالنسبة لي –  هالني حجمه ورقيه مقارنة بمطار جدة التعيس في جميع نواحيه ..

يكفي الخراطيم التي تنقل المسافرين من وإلى الطائرة  في حين لا يزال مطار جدة يعيش على الباصات والسلالم .

عذراً عذراً ، وعدتكم أن لن أتكلم بما يحرق الدم ..

تذكرت وأنا أمشي في مطار الملك فهد مطارَ الظهران القديم .. شعرت أن طعم الذكريات في حلقي .. أحسست بالروائح والمشاعر تتلبسني . هل تعرف هذا الشعور ، حينما تستغرق في تفاصيل ذكريات قديمة ، وتنفصل عن الواقع تدريجياً حتى لتكاد تشعر بحرارة الهواء آنذاك على جلدك ، تستنشق تلك الروائح وتسمع تلك الأصوات ..

كنت أمشي كالمغيبة ، منبهرة ومنتشية ، لا من هذا المطار الجديد ، وإنما من ذاك الذي برز في مخيلتي ، حين كان أبي رحمه الله يأخذني وأنا صغيرة لنقضي بعض الوقت نتفرج على الطائرات وهي تصعد وتهبط ريثما تقضي أمي زيارتها لصديقتها التي كانت تسكن في سكن المطار الفاخر . كان المدرج قريباً ومتاحاً ويحكي لي أخي أنه كثيراً ما أفلح حين كان طفلاً في الإفلات من بين قضبان السور ليمشي بحرية في مدرج المطار .. أخبرته أني لا زال أذكر في المطار وجود حديقة ما تنضح بعشب قوي الرائحة ، وفيها مراجيح معلقة ، فأطرق بذاكرته إلى خمسين سنة مضت ليقول بصوت حالم : كانت تلك حديقتي المفضلة حينما كنا نسكن في المطار قبل انتقالنا إلى الخبر ..

كلما شممت الآن رائحة العشب الأخضر تدرج ذاكرتي تلقائيا صورة تلك الحديقة التي كنت ألعب فيها وأنا ابنة الخامسة  ، أتمرجح عالياً مع أطفال آخرين لا أعرفهم ، لا يجمع بيننا إلا  صخب الطفولة ..

من قال أن أطفال الخامسة والسادسة تكون ذاكرتهم قصيرة ولا تسعفهم بتفاصيل تلك الحُقب حين يشيبون ..

لو قال بذلك قائل فأنا أؤكد له أنه مخطئ بجدراة .

كان اجتماعنا ليلة الوصول في بيت خالتي لتناول العشاء . دخلت البيت الجديد وتذكرت ذلك البيت القديم الذي كنا نقضي فيه أعيادنا بعد انتقال عائلتي للسكن في جدة قبل أربعين سنة .

كان العيد في جدة مؤلماً وكئيباً وموحشاً حيث لم يكن لدينا هناك إلا بيوت أخوالي فقط ، الذين لم ننشأ معهم ولم نألفهم بعد . كم حاولت أمي تزيين عيدي بفساتين جميلة وزينات مزركشة وأنوار ملونة ، وتأخذني في زيارة لملاهي لونا بارك عصر يوم العيد ، ولكن ما كان ذلك ليفلح في إسعادي وإبعاد ذكريات أعياد الخبر عن ذهني .

إلى أن قررت أن نذهب بعد ذلك لقضاء العيد مع الأهل ..

 الأهل .. يالها من كلمة جميلة عظيمة .. عندها شعرت أن العيد قد عاد له رونقه وبهاءه وجماله .

كنت أجمع من مصروفي الشهري طوال السنة لأشتري به هدايا العيد البسيطة لخالاتي وبنتي خالتيّ اللتين كانتا – ولا زالتا- أختين حين منعني الله الأخوات الحقيقيات .

كان  العيد في بيت خالتي من أجمل ما يمكن أن يحدث لي .. اجتماع العائلة الممتع ، إفطار اليوم الأخير من رمضان، إعداد الزينة من ورق الكريشة الملونة ، والإحساس بالأهمية وسط كل هؤلاء الكبار ، محاولات إخفاء الهدايا المغلفة سلفاً عن أعين الفضوليين من الصغار .. حتى غسل الصحون هائلة العدد كان ممتعاً ما دام مع القوم .

والان أنا أدخل الدار التي فيها نفس الأشخاص الذين كنت أقضي معهم أعيادي القديمة .. إلا أن الدار غير الدار .. هل أزعم أن قيساً كذب بعض الشيء ليضفي نوعاً من الرومانسية على قصته حين قال :

وما حب الديار شغفن قلبي                     ولكن حب من سكن الديارا

هذه دار جديدة ، أنيقة ولكن ليس فيها أياً من الذكريات . ليس فيها تلك المخابئ التي احتوتنا صغاراً ، ولا بقايا اللصاق الذي ثبتنا به زينة العيد ، ولا الجدران التي كانت تسترق السمع لأحاديثنا ليلاً بعد أن ينام الكبار .

كذب قيس – غفر الله له – فحب الديار له شغف ووجد ، خاصة لو حَوَت لحظات جميلة .

في اليوم التالي اصطحبني أخي في الصباح المبكر مع بناتنا لنبحث عن ذكرياتنا القديمة .. مررنا بشارع الأمير خالد ، شارع السوق الكبير في زمني .. رأيت هذا المحل الجميل الذي كان يجلب البضائع المستوردة ، ومنه كانت أمي تشتري ألعابي الفاخرة  . تذكرت للحال لعبة  طابور البطات الصغيرات اللاتي يمشين وراء البطة الأم ، والتلفزيون الصغير الذي يعرض صوراً متحركة بأناشيد الأطفال الانجليزية  المشهورة : ماري عندها حمل صغير ، وجسر لندن يسقط ويسقط  .. رأيت الشارع الضيق الذي كنت أراه كبيراً ، وما علمت إذ ذاك أن عيون الأطفال ترى كل شيء كبيراً .

مشينا قليلاً فإذا بي أمام مدرستي .. صارت الآن مأوى لعمالة ما ، مهدمة ومرقعة ، ولكني أبحرت في فصولها ودهاليزها بذاكرتي .. هنا كان فصلي .. وهنا مستودع الكتب الدراسية التي كانت تسحرني رائحتها .. وهذا المسرح الذي كنت أقف عليه لأنشد في الحفلات .. أما هنا فحجرة التدبير المنزلي .. أتذكر جيداً حين كان موقد حجرة التدبير يعطب فينادونني من فصلي لآخذ صينية البشاميل لبيتنا الذي لا يفصله عن المدرسة إلا شارع صغير ضيق ، فأعطيها لأمي مصحوبة بسلام المعلمة كي تضعها في فرننا حتى تنضج .. لا تسل عن اعتزازي وشعوري بالخطورة وأنا أخرج أمام صديقاتي شامخة الرأس ، فخورة للعبي دور المنقذة من هذا الموقف السخيف الذي سببه الفرن الكهل .

جلت ببصري أبحث عن بيتنا فارتد إلي بصري خاسئاً وهو حسير .. ما وجدت إلا دكاكين صغيرة تتثاءب استعداداً لبداية يوم جديد .. أحسست بشيء من القهر .. أين ذكرياتي ؟ هنا كان بيتنا .. أذكر في فنائه بيت أرانب صغير، وحجرة إخواني بالطابق العلوي ملأها أخي الماهر بالرسم رسوماً متقنة للشخصيات الكارتونية المعروفة آنذاك ، أذكر القطط التي كانت تجول ، ومن هناك نما شغفي بالقطط . أذكر شجرة الفل والتي كانت تهبني يومياً فلة ضخمة عبقة أهديها لمعلمتي في الصف الأول الابتدائي ..

شعرت بشيء من الإحباط وخيبة الأمل ، ولكني سرعان ما نفضته عن ذهني قائلة : أصلا عادي !

أما عن زيارتي لشواطئ الخبر فتلك حكاية أخرى .. شواطئهم غاية في الروعة والجمال .. شواطئ “متعوب عليها” ، والجميل أنها للشعب .. لكل الشعب .. كل الشعب يستطيعون أن ينزلوا في الشاطئ ويستمتعوا بالبحر والرمل ..

هنا ، في شاطئ العزيزية أو في شاطئ نصف القمر والذي لا نزال نسميه بتسميته القديمة جداً Half Moon Bay ، كنا نقضي أول يوم من أيام عيد الأضحى قبل أكثر من ثلاثين سنة .. نبحث عن بقعة فارغة ، غالباً خلف أحد الطعوس المجاورة للشاطئ ونخيم مع عائلة خالتي .. نسبح  ونشوي ونتسامر و ( نشب الضو ) ونقضي أجمل الأوقات دون أن يتطفل علينا أحد من الخارج .. كنا إذا وصلنا انطلق زوج خالتي في ممارسة هوايته في المشي ، فيمشي حتى يغيب عن أنظارنا .. قد ألحق يه إلى مسافة معينة ، أبثره بأسئلتي وثرثرتي ولكنه كان دائماً يجيب بابتسامة عذبة وصدر رحيب .. كم تمنيت أن أراه هذه المرة .. ولكن الزهايمر ثم الموت غيّباه عنا ، فتوفي قبل أن ألقاه لأذكّره بكل ما مضى.

حديث أيام الطفولة عذب .. ذكراها لذيذة ، ونشواها تفرح القلب الحزين .. وعلى آثارها نعيش لحظات جميلة .

 غادرت الخبر آسفة .. كم تمنيت لو جلست هناك أسابيع ..

يومها قلت لإحداهن  : لولا أني في المدينة ، ولا أرضى لها بدلاً لرجعت أعيش في الخبر ..

أطلت عليكم ، سامحوني ، ولكن يخفف عني أني أعلم يقيناً أن بعضكم كان له ذكريات تشبه ذكرياتي . وسأحب حتماً لو شاركتموني بهذه المتعة :  استجلاب الذكريات .

Read Full Post »

 وأكاد أسمع بعضكم يقول باستهزاء : ومن أنت لتكون لك تجارب شخصية تهديننا عبرها إلى النجاح .

فأقول  : نجحت في أشياء كثيرة من فضل الله علي : نجحت في دراستي ، وفي بحوثي وفي طلبي للعلم ، نجحت في زواجي وفي طلاقي وفي تربيتي لأولادي بفضل الله . ولعل أعظم ما نجحت فيه هو اجتيازي لمرحلة مرضي بالسرطان .. لا أدعي أني شفيت منه تماماً ، فنتيجة ذلك تظهر بعد مضيّ خمس سنوات من الشفاء ، ولكني على الأقل أفلحت بتوفيق الله لي في جعلها ذكريات سعيدة أشتاق إليها أحياناً ، واستطعت أن أتغلب على خجلي وسكوتي فأخرجت للعالم كتاباً أزعم أنه الأول من نوعه في العالم العربي-فيما أعلم- يتحدث بالتفصيل عن فترة المرض .

النجاح يا سادة هو كل شيء تم على وجهه الصحيح مهما صغر أو قلت قيمته . وحين أذكر عنواناً فخماً كعنوان تدوينتي فلا أعني بالضرورة نجاحاً اقتصادياً أو علمياً أو اجتماعياً هائلاً ، وإنما – ببساطة – تحقيق أهدافك التي وضعتها لنفسك على الوجه الذي يرضيك .

سأذكر لك خطوات ثمانية من خلال تجربتي الخاصة ، لعلك تجد فيها قبساً من نور يضيء لك بعضاً من حلكة ظلام، ولكني أحذرك أنك ستطلع على الكثير من الحديث عن النفس في هذه التدوينة ، وهذا مؤكد كوني قد نصصت على أن هذه الخطوات مستوحاة من تجاربي . هذا التحذير ضروري لئلا ينبري لي البعض في التعليقات : لماذا تتحدثين عن نفسك كثيراً ؟ أنت متكبرة !!

1-              اعرف حجمك وقدراتك ثم انطلق .. ويمكن التعبير عن هذه النقطة : احلم ولكن بواقعية .. قد تجد كماً لا بأس به من الناس يثبطك حينما تحدثهم عن طموحاتك وأفكارك ، وهذه نقطة تضعها دائماً في الحسبان: العاجزون عن العمل يكرهون الناجح ومن له أحلام قابلة للتحقيق فينبرون بدافع من العقل الباطن إلى تثبيطه ووضع العراقيل أمامه . دعهم يهرفون بما لا يعرفون ، واحلم ، إذ بدون الأحلام لا يزهر واقع ، ولكن لتكن أحلامك واقعية قابلة للتحقيق حتى لا تتحطم . أمي امرأة فنانة ، تهوى الأعمال الفنية وبارعة في الطبخ ، ومدرستي من أفضل المدارس في جدة في تلك الفترة ولكن لا أمي ولا مدرستي أفلحتا في صنع الفنانة في داخلي . كنت ولا زلت أهوى كل ما يتعلق بالكتب والتعليم والقراءة . كانت علاماتي في حصص الفنية والتدبير المنزلي شبه كاملة ، وقمت بصنع كل الأعمال الفنية بنفسي ولكنها لم تكن أبداً هواياتي فاكنت نهاية علاقتي بها بتخرجي من مدرستي . وكم حاولت أمي معي أن أستمر ، وكم حاولت أن أتشبه بالنساء في هذه الهوايات ولكني أخفقت، كم تمنيت أن أبدع في مجال صناعة الكب كيك وتزيينه وإنتاج مشروع تجاري منه ولكن حماسي لا يلبث أن ينطفئ ، إذ أن جيناتي الأدبية التي ورثتها من أبي رحمه الله كانت طاغية . وحتى الجينات الأدبية كان لها تخصص دقيق وهو المقالة والقصة، لا الشعر ولا المسرحية مثلاً . أعتقد أني عرفت حجمي وحلمت بأن أكون كاتبة لأبهر الناس . صحيح أني مرضت بالسرطان بسبب هذا الحلم ولذلك قصة يعرفها من قرأ كتابي ، ولكني حققت بعضاً من حلمي .

2-  أحسن الظن بالله : وكم من التدوينات يمكنني تسطيرها في هذا الشأن الذي غض الناس أعينهم عنه . عليك أن تبادر بتنفيذ مشروعك بعد أن توفيه حقه من الدراسة ، ثم تلجأ بقلبك إلى الله بالدعاء وإحسان الظن به أن يوفقك ويسددك . لا تعرّض مشروعك للفشل بسبب سوء الظن ، إذ أن الله تعالى يقول في الحديث القدسي : “أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء “. فإذا رجوته كان لك فوق ما تريد ، وإذا حام بذهنك خاطر الفشل على الرغم من اتخاذك أسباب النجاح التامة فسيكون الله تعالى عند ظنك ، وستفشل . عندما مرضت بالسرطان وبدأت في الاطلاع على المواقع والكتب الأمريكية التي تتكلم عن السرطان خطرت في بالي فكرة تأليف الكتاب لنفع من يبحث عن المعلومة الشافية ممن لا يتقن الانجليزية . انهمكت في الكتابة ، ورغبتي في نفع الناس تنمو يوماً بعد يوم ، وكنت أدعو الله في صلاتي أن يشفيني ويسهل خروج الكتاب ، بل وجعلته سبباً أتشبث به للحياة فكنت أرجو أن أُشفى لأرى بعيني نجاح كتابي ، حتى بدأت في إجراءات النشر . مررت بمواقف عجيبة تجدها في تدوينتيّ : جارٍ تطبيق الهروب وتدوينة حكاية الحكاية .لم يسُأ ظني بالله يوماً ، وكنت متأكدة من الشفاء ، وكنت متأكدة من النجاح . لا لثقتي بأسلوبي وموهبتي وحاجة المجتمع لكتابي ، وإنما لثقتي بالله في استجابة دعائي .

3-              ضع هدفاً كبيراً توصل إليه أهداف أخرى صغيرة : خطأ شائع يقع فيه الكثير من الناس هو تحديد هدف كبير بعيد المنال يطمحون للوصول إليه ويجعلونه وحده بغيتهم .. ولا يزالون حتى الآن لم يصلوا . أخبرتني إحدى الطبيبات أن عليّ أن أفقد 20كيلو من وزني لأتمكن من إجراء عملية شد عضلات البطن . تعرفون أن إنجاب سبعاً من الولد تكون بعض عواقبه وخيمة . ثم أعطتني القاعدة الذهبية : كثير من الناس يضعون في أذهانهم أن عليهم أن يفقدوا 20 كيلو ويعملون لذلك جاهدين ، ولكنهم لا يضعون (نقاط تفتيش ) أو أهدافاً صغيرة  لذلك الهدف . وأرشدتني أن عليّ أن أضع أهدافاً معقولة أبلغها كل فترة وأعيد تقييم هدفي ، مثلاً : أهدف إلى فقدان كيلو واحد في الأسبوع ، أي أربعة كيلوات في الشهر وعلى هذا فإن بإمكاني أن أفقد العشرين كيلو في خمسة أشهر فقط .. إذن عليّ أن أنسى العشرين كيلو مؤقتاً وأركز على هذا الكيلو الأسبوعي وأعمل عليه ، وشيئاً فشيئاً سأبلغ الهدف الأكبر . كان هذا الكلام من سنة ونصف تقريباً ، ولم أفقد منذ ذلك الوقت إلا ثمان كيلوات ، لا لأني لم التزم بهذه النقطة وإنما لأن الأهداف التي وضعتها لم تكن واقعية تماماً .. فقدان كيلو واحد في الأسبوع كان أكبر من طاقتي خاصة وأنا أتناول العلاج الهرموني للسرطان مما يبطئ نزول الوزن .. فلبثت شهوراً تلو الشهور لا يتزحزح مؤشر الميزان عن مكانه إلا بعناد شديد مما يصيبني بالإحباط فأترك العمل لأستعيد ما فقدته من وزن. ولما تنبهت إلى هذه النقطة وعدلت أهدافي بحيث جعلتها ملائمة لوضعي الصحي واحتياجاتي النفسية ( المتمثلة في الرغبة في الاستمتاع بالطعام في الجمعات العائلية وحالات الحزن والقلق ) بدأ وزني بالنزول ولله الحمد .

4-  استخر واستشر : فالاستخارة طلب التوفيق والسداد من الله تعالى علام الغيوب ، والاستشارة استنارة بآراء العقلاء والحكماء ، ومساعدة على النظر على الموضوع بكافة زواياه و التي قد تغيب عنك أحياناً . ولكن احذر أن تستشير أي شخص وإنما تذهب لذوي الاختصاص .. قد يكون الشيخ أو العالم مُجيداً في فتواه ولكنه لا يصلح في الأمور الأدبية ، وقد يكون الطبيب بارعاً ولكنه إداري فاشل وهكذا .. لا تكاد تجد شخصاً (بتاع كله) فهذا عملة نادرة ، لذا فتعنّ قليلاً من أجل نجاح مشروعك واستشر ذوي الخبرة . بل وأدمن على طرق الأبواب، إذ الناس ليسوا فارغين على الدوام وعندهم مشاغل ، وأنت صاحب حاجة ، وعلى صاحب الحاجة أن يسعى لحاجته ، وعلى صاحب الحاجة أن يتحمل ذل السؤال ليبلغ مراده .. ولقد رأيتني وأنا أرسل برواياتي التي كتبتها في سن المراهقة إلى الأستاذ الأديب عبد الله الجفري وكان صديقاً للوالد رحم الله الجميع فيعلق بما لا يوافق هواي غالباً ، ولكني أضع تعليقاته في الحسبان ، وعندما فكرت في تأليف كتابي استشرت والدتي – حفظها الله – وآخرين فأشار عليّ أكثرهم بالمضي قدماً في هذا الشأن ، وحبطني البعض وثبطني . ولما كتبت الكتاب دفعت به إلى بعض المقربين ليقرؤوه وينقدوه من حيث اللغة والتراكيب الأدبية والأفكار ، واستفدت كثيراً من تعليقاتهم ونقدهم ، ونجح بفضل الله . صحيح أني لم أنل جائزة نوبل أو جائزة بوكر الأدبية بعد ، ولكن استفادة الناس من كتابي هو معيار نجاحه في نظري .

5-  تعلم ثم تعلم ثم تعلم : لا ينتهي إبداع المرء في تنفيذ مشروعه ، وإنما عليه أن يتعاهده بزيادة التعلم والاطلاع. التعلم نفسه حسنة عظيمة لا يتقنها الكثير بعزوفهم عن القراءة ( التي هي أساس التعلم ) وكسلهم عن البحث على الرغم من وفرة المصادر وسهولتها . انظر كيف فضّل الله تعالى الكلب المعلَّم على غير المعلم ، فأباح الأكل من صيد الأول وحرّم الثاني ، وكلاهما حيوان نجس . بل إن دراسة عجيبة من الأكاديمية الأمريكية لطب الألم تقترح أن البالغين الحائزين على شهادات البكالريوس فما فوق أقل عرضة للإصابة بالشقيقة وآلام أسفل الظهر والعنق والألم في الوجه الفكين من البالغين الذين لم يتخرجوا من الثانوية.

http://www.painmed.org/patientcenter/facts_on_pain.aspx#hhs

عندما أصبت بالسرطان ، كان في المواقع العربية البُلغة من المعلومات .. القدر الضروري فقط لأعرف ما السرطان  وما علاجاته وما الآثار الجانبية تلك العلاجات . ماذا عن طرق التعامل مع هذه الآثار الجانبية ، وما أتوقع أن أقابله أثناء إجراء الفحوصات ، والمتاعب النفسية والقلق .. ماذا عن بعد العملية ؟ أسئلة كثيرة لم أكن أجد جوابها إلا في المواقع الأمريكية للأسف ، فكنت أحرص على تثقيف نفسي كل يوم وقبل كل إجراء طبي لأكون على بصيرة . ولو كان بك فضول لمعرفة حادثة وقعت لي لم أتعلم قبلها فعليك بقراءة فصل : “يوم مثير” من كتابي .. لا بد من بعض التشويق والتسويق ! هذا التعلم أفادني كثيراً في توقّع ما سيحدث لي عند كل إجراء .. كنت دائماً أقول أن نصف الخوف من التجارب الجديدة سببه الجهل بها ، فإذا تعلم شيئاً عنها زال نصف الخوف .

6-  إذا وافقك الخير فوافقه : تعرض على المرء أحياناً فرص عظيمة لا تكاد تتكرر ، والفطن هو من يقتنص هذه الفرص  ويوظفها لمصلحته . ولقد رأيت الكثيرين تُعرض لهم فرص مذهلة لتعلم مهارة أو لغة أو تطوير ذات فيعرض عنها لأنه لا يرى نفسه محتاجاً إليها .. ومن قال أن على الإنسان أن يتعلم ما يحتاج إليه في ساعته؟ إن هذا لمن العجز .. بل عليه أن يتعلم كل ما يمكنه فليس كل يوم تتاح الفرص ، وقد يأتيه الوقت الذي يندم فيه على أنه لم يستفد من فرصة عُرضت عليه ولكنه ركلها بتأفف . كانت مدرستي دار الحنان رائدة المدارس في جدة قبل ثلاثين سنة وأكثر .. فيها كل مقومات المدرسة الناجحة والمثالية والتي لا تكاد تجدها في هذا الزمن . في مدرستي أقبلت على الرياضة فكنت في فريق الفصل للكرة الطائرة ، ولعبت تنس الريشة وبعض الجمباز ، وانخرطت في جمعية الصحافة وتعلمت الكتابة على الآلة الكاتبة لأكتب مقالات الجمعية وبحث الفصل المشارك في المسابقة الثقافية السنوية الكبرى ، ومواضيع المجلة السنوية التي تصدرها المدرسة ، وكنت عضواً فاعلاً في الإذاعة المدرسية والتي كان يشرف عليها أستاذات سوريات قديرات قوّمن ألسنتنا في حصص القرآن واللغة. لم أكن لأدع مسابقة إلا وأشترك فيها وكان بإمكاني ألا أفعل كل ذلك ، فكثير من البنات فضلن الجلوس في الفسح والتلذذ بشطائرهن، أو الاتكال على الطالبات المتفوقات لرفع أسهم الفصل ، أو ببساطة : الاكتفاء بالبلادة  . بل إن هناك من المتفوقات من لم تشأ أن تنخرط في هذه النشاطات لأنها لا تكسبهن درجات ولا تزيدهن حباً من المعلمات . ولكن  تلك الحكمة التي أخبرتك عنها كانت تلازمني دائماً بفضل الله ، فكلما وجدت فرصة كنت أتلقفها بنشاط مما أثّر على شخصيتي وأكسبني الجرأة واستقامة اللسان العربي وحب الرياضة والقدرة على التعامل مع لوحات المفاتيح،  وكلها أمور استفدت منها في حياتي : في الكتابة الكمبيوترية السريعة – نوعاً ما خاصة وأنا في هذا السن – وإلقاء المحاضرات الدعوية والتأليف بل والقيادة أحياناً .. قيادة المجموعات لا السيارات فتنبه !

7-              أنشئ فرق التشجيع : لابد لكل ناجح مشجعون ، يستثيرون همته إذا فتر ، ويرفعون سقف عطائه إذا نجح , يلجأ إليهم إذا ادلهمت به الخطوب ، ويحتفل معهم إذا حالفه النجاح ، فالسعادة لا تحلو إلا بجمع من الأحبة . حينما مرضت بسرطان الثدي ، تكونت على الفور وبفضل من الله فرق التشجيع .. تكونت وحدها ولم أسع إليها . وجدت صديقاتي في المدينة ، وأولادي ، وبنات إخواني في جدة حيث كنت أتواجد كثيراً لظروف العلاج . كان التناغم بيني وبين بنات إخواني مثيراً ، ومعهن فهمت كيف يتحرك فريق الطيور متناغمين مع قائدهم .. كنت أجدهن أو إحداهن دائماً وقت الحاجة.. يضحكن إذا علقت على صلعتي ويمتدحن شجاعتي وصمودي ، وإذا ما ضعفت في لحظة يأس وبكيت لدقيقتين وجدتهن يبكين معي ، ويسكتن – ياللعجب- إذا ما أفرغت انفعالاتي وكففت عن البكاء . شعرت أني أريد أن أسعدهن كما أسعدنني .. شعرت أني أريد أن أعيش ، من أجلهن ..

8-              إذا سقطت من الحافلة فاركب مجدداً : هذه الجملة كنت أقرؤها دائماً في المواقع الأمريكية التي تعنى بشأن الوزن والرياضة . قد يعتري المرء الضعف أحياناً فيتخاذل ويضعف عن العمل و( يخرب الدنيا ) ، أو قد لا تمشي الرياح بما تشتهي سفنه فينقطع .. لا بأس . أعط نفسك حقها الطبيعي في الفتور ، ولكن لا تتمادَ وانهض سريعاً واستأنف العمل . كنت أحياناً أقسو على نفسي في الحمية والرياضة لرغبتي في فقدان أكبر كمية ممكنة من الوزن ، ولكن نفسي تمل سريعاً فينتهي بي الأمر أن أتهاوى أمام أول دعوة على العشاء أو وسوسة من ابنتي في شراء طعام (جنكي) سريع ، وافقها شعور بالملل أو ضيق أو حزن ، وبعد أن أنتهي من (جريمتي) يعلو صوت الضمير المؤنب: ( إيش سويتي ؟؟) هنا عندي طريقين عليّ أن أختار أحدهما : إما أن أدندن ( خاربة خاربة ) وأمضي في طريقي الجديد ، أو أن أعدّ هذا التخريب بمثابة إجازة عارضة وأتجه لركوب الحافلة مرة أخرى وأستأنف العمل ابتداء من الوجبة التالية .. نعم ، الوجبة التالية ، لا الأسبوع التالي ، بل ولا اليوم التالي .. وبالطبع فإن هذا الاختيار الأخير هو الاختيار الصحيح .

 

هذه ثمان خطوات للنجاح من تجاربي الخاصة ، هي غيض من فيض .. ولكلٍ نظرته ورؤيته .. اكتب لي هنا تجاربك وخطواتك .. لتمتلئ صفحة التعليقات بالأفكار الإيجابية ، وأعدكم أني سأهدي صاحب إحدى هذه التعليقات نسخة موقعة من كتابي إذا وفّر لي صندوق بريد مناسب أرسله إليه ، أما إذا كان خارج السعودية فله نسخة اليكترونية .. من هو ذاك المحظوظ ؟ قد يكون صاحب أفضل تعليق يصلني خلال أسبوع ، وقد يكون صاحب حظ سعيد حالفه في القرعة . لا تبالِ بذلك كثيراً.. اكتب فقط والله يجيب مطر !

 

شكر خاص للدكتور معن القطان @mkattan35 استشاري التخدير وعلاج الأمراض المزمنة .

Read Full Post »

 بعدما  لاقت تدوينتي السابقة في أسباب طلاق الفتيات  بعض النجاح بفضل الله تعالى ، كان من اللازم ذكر الأسباب التي يطلق فيها الشباب بعد زواجهم بمدة قصيرة .

لا أدعي أني أتقنت كتابة هذه التدوينة ربما لأني لست (شاباً ) فلن أجيد فهم ولا تخيل المشاعر والدوافع كما حصل في تدوينة الفتيات ، ولكن حسبي أنها محاولة بسيطة وخطوة من مئات الخطوات نحو الإصلاح ، قابلة للتصحيح والنقد والتغيير .

لذا كان لابد من الاستعانة – بعد الله تعالى – بصديق ، بل أصدقاء ، وكالعادة يممت وجهي شطر العصفور الأزرق ( المزعج أحياناً ، المفيد أحياناً أخرى ) تويتر ، وتوجهت بسؤالين نحو الشباب :

الأول : لماذا تقدمون على الزواج ، ما السبب الدافع للزواج ؟

الثاني : برأيك ما سبب طلاق الشاب لزوجته التي تزوجها قريباً ؟

أما عن إجابة السؤال الأول فتلخصت دوافع الشباب على الزواج في الرغبة في : إكمال نصف الدين ، العفاف ، إنشاء أسرة ، ليكون أباً ، الحاجة الفطرية ، والحصول على راتب الزوجة !

في الحقيقة اعترتني الدهشة من هذه الإجابات الجادة ، ولا زلت أجهل هل هذه الإجابات “نموذجية” وتعبّر حقيقة عن الواقع ، أم أنها “مثالية” تعبر عن الرغبة في أن يكون الواقع هكذا .

وسبب دهشتي أني لم أتخيل مدى جدية الشباب في تكوين بيت وأسرة ، وكأن هذه الفكرة مقتصرة في ذهني على الفتيات ولا تسألوني لماذا أرجوكم .

وحين سألت السؤال الثاني توافدت إليّ الكثير والكثير من الإجابات من الشباب والبنات على حد سواء ، ولكن رأي الشباب هو ما كان يهمني حقاً ، فالأمر يخصهم في المقام الأول .

حاولت لملمة أطراف التغريدات التي وردتني ، واستطعت حصرها في بضع نقاط  :

–       عدم  التصور الصحيح لمفهوم الزواج ، مثل ما هو الحال عند كثير من الفتيات . فبعض الشباب يقدمون على الزواج وفي رأسه آمال وأحلام بتكوين “عش” الزوجية وبإنجاب عدد من الأطفال الظرفاء ، وربما يكونون في خيالاته شقراً ذوي غمازات وعيون زرقاء ( طبيعي ، وإلا فكيف يكونون ظرفاء! ) نظيفين على الدوام ومبتسمين و ( عُقّال) مهذبين ، ويتخيل نفسه بعد عناء يوم طويل في العمل يدخل بيتاً مكيفاً ، محملاً بأكياس البقالة التي حوت على أطايب الأسواق ، فيجد امرأته الجميلة النظيفة المرتبة تحمل عنه حمله وتهمس له بصوت كتغريد العنادل : هات عنك يا حبيبي ! وقد يمر بفترة ( ملكة ) مثالية ، غارقاً في الوسامة والأناقة وتبادل الهدايا ومعسول الكلام ، فإذا ما تم الزواج وجاء الأطفال كانت الفاجعة ، فهو لم يصدق أبداً أن يكون وحم الحمل بهذا الإزعاج لزوجته وله على حد سواء ، ولم ينم من قبل في غرفة واحدة مع طفل يعوي طوال الليل بسبب المغص ، ولم يخطر بباله أن المرأة بشر وليست ملاكاً أو مخلوقاً أسطورياً ، وإنما كائن ضعيف ليس  في شدة الرجل وقوة أعصابه ، ويعتريها ما يعتري البشر من التعب والملل والإرهاق ، فينعكس ذلك على أدائها الوظيفي من جميع جوانبه ..

–        البعض لا يفهم من معاني الزوجية والقوامة إلا فرض قوانين صارمة لا تعرف المرونة ، تعتمد على رعاية الفتاة لبيتها بالمعنى الحرفي القديم ، وتخاطبه بذات الاحترام الذي تعاملت به الجدات ، في حين لا يلزم نفسه بالتصرف كما تصرف جده الأول ، فتجد معاني الشهامة والرجولة بل و الفروسية مغيبة  تماماً عن خاطره ، وما في ذهنه من معاني القوامة إلا الأمر والنهي والضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه مخالفة القوانين ، فيقع في ذات الشرَك الذي وقع فيه والداه من قبله وكأن المسألة وراثية أو عدوى ..

–       الإغراق في المثالية ، فهو يريدها كما يذكرون في المجالس : جميلة ، بيضاء ، دعجاء العينين ، في صوتها بحة ، وفي وجهها وسامة ،  أديبة تقنع بالقليل ، إذا تكلمت بالكاد أسمعت ، وإذا قهقهت تبسمت ، تضربها فتقول لك (كمان ) ، وتشتمها فتقول لك : (هل من مزيد ) الخ …

وهو مع هذا كله إذا نظر إلى المرآة لم يجد في خلقته ولا في حسن هندامه عشر ما يطلب ، وكأن الهيئة الحسنة مطلب مقصور على الرجال دون النساء . ولا أنسى امرأة كانت تشتكي إليّ من زوجها أنه يطلبها أحياناً إلى الفراش وهو في حال مزرية من الشعث والحاجة إلى الاغتسال والتنظف ، ويعتذر لها بتعبه وإرهاقه الشديد لتأمين لقمة العيش ، وعليها الآن أن تهيأ له نفسها كي يصيب منها ما يريد ويخلد للنوم .

لا بأس ؟ لا ترون في ذلك غضاضة ؟ نعم قد يكون الرجل متعباً أحياناً فلا نكلفه ما لا يطيق ، ولكن ما باله يرى العود في عين امرأته ولا يرى الجذع في عينه ؟

وقد لا يطالب بجمال زائد أو صفات خلقية معينة ، ولكنه يتمثل فيها أمه .. فينشد في طعامها نَفَس والدته ، وفي تعاملها خلق أمه ، وصبرها ، وحلمها وسعة صدرها وعقلها ومرحها وذكاءها ووو ، وينسى أن لكلٍ شخصية وصفات تتعلق بالمراحل العمرية المختلفة .

–        المطالبة بالحقوق دون إعطاء الواجبات . فتجد الكثيرين لا يفتئون يتغنون بصفات الزوجة الصالحة وحقوق الزوج على زوجته ويحشد الأحاديث في فضل الزوج وعظيم حقه ، ويغض الطرف عن واجباته تجاهها المادية والمعنوية والجسدية ، فيطالِب ويرفض أن يطالَب ، ويحاسِب ويأبى أن يحاسَب ، وقد يسايره المجتمع في هواه في الكثير من الأحيان لأنه على هذا قام في كثير من الأنحاء : المجد للرجل ، وللمرأة الفضلة  . وإنّ شركة لا تقوم على أساس العدل والإنصاف واحترام المتعاقدين لبعضهما البعض وإعطاء كل منهما الآخر حقه كاملاً لهي شركة خاسرة ، متهاوية ولو بعد حين . وأشد ما يؤسف له أن كثيراً من هذه الشركات تسقط بعد عقود من الزمان ـ لأن ما بُني على أساس ضعيف فإن مصيره إلى الاضمحلال .

–       ومثل الفتيات بعض من الشباب : لم يتحمل أي مسؤولية منذ صغره ، وكل مبلغه من العلم بالمسؤولية : الإتيان ببعض مستلزمات البقالة ، وحماية اسم أمه وأخته من الانتشار بين الشباب . فإذا تزوج وعلم أن الأمر أكبر من ذلك : المسؤولية العظمى هي كونه راعياً لرعيته .. كانت الصدمة ..

بعض الشباب لم يسمع أن من صفات القادة والرعاة على حد سواء : الرفق والصبر والحزم وتقديم الصالح العام على الصالح الخاص . لم يعرف أن من المسؤولية تقديم الدعم المادي و المعنوي لأفراد أسرته ومساعدتهم بشتى الطرق ، وأنه – في سلم الدرجات – لابد أن يأتي في المرتبة الأخيرة ، وإنما حسِب أن الدنيا تؤخذ غلاباً ، وما دام أنه الأقوى جسداً والأرفع صوتاً والأثبت جناناً – في غالب الأحيان – فليأخذ بسيف السُلطة – أو الحياء-  ما خف وزنه من الحقوق وغلا ثمنه ، وعذره في ذلك : أنه الأقوى ، والقائم على أمور أهله ، و(الرجّال) ولا بأس بترك الكثير من ( الفتات ) ذراً للرماد في الأعين.

–       عدم فهم طبيعة الزوجة ، كامرأة أولاً ( هل أنصح بقراءة كتاب : الرجال من كوكب ما ، والنساء من الكوكب الآخر ؟) ، وكزوجة بالذات ثانياً ، ومن لا يعرف آلام الحيض والولادة وتعب الحمل فلا يحق له التفوه بكلمة واحدة متذمراً من تعبها . وأعجب حين أسمع رجلاً يشتكي من دلع امرأته ، وقلة صبرها ، وسوء إدارتها للمنزل، في حين تجده ينهار إذا ما أصابته الانفلونزا وربما استأذن من العمل وأقحم بالمنزل في حالة استنفار لرعايته ، كما تجده يتصرف ببعض من الخراقة في كثير من الأوقات وهو في ذلك معذور إذ لم يسبق له الزواج من قبل ، ولكن ما باله يفرق بين حاله وحال زوجته .. هي لم تتزوج من قبل أيضاً فلماذا لا تُعذر .

–       التهاون بموضوع الطلاق أحياناً ، فهو لم يتكلف شيئاً ذا بال .. ( والله يخلي البابا ) الذي دفع المهر واستأجر الشقة وفرشها وأبدع ، وأقام حفل الزواج ، أما هو فبطل .. اشترى الشبكة من ماله ! فإذا لم تعجبه في شيء من خُلقها أو خَلقها ، أو سئم منها أو ذهبت الشهوة التي لأجلها أقدم على الارتباط بها ، فما أسهل الطلاق عندئذ ، والمجتمع سيكون في صفه ولا شك ، إذ أن المطلقة هي التي عليها العين وتُنسج ضدها الأساطير ، أما المطلق فمسكين مظلوم ، ولا يعيب الرجل إلا جيبه !

–       ولا ننسى أن للأهل نصيباً . فبعض الأهل يحثون ابنهم على الزواج ( لعله يعقل ويركز ) أو لرؤية أحفادهم قبل أن يدركهم الموت ، أو يجبرونهم على الارتباط من بيئة أو عائلة معينة لظروف اجتماعية محددة ولا يراعى في ذلك النظر إلى مدى تحملهم للمسؤولية ، وبعض الشباب يكونون ( أبناء أمهاتهم ) فيتركون الأم تدير أمور بيتها وبيته ، فتتحكم في تربية أولاده وأثاث بيته ، وعلاقته بزوجته وتطالب وتشدد وترغي وتزبد لو خالف ، وينصاع هو لئلا يكون عاقاً ، أو لعله خائف من تحمل المسؤولية الجديدة فيلقيها على عاتق أمه ، ويغفل أن الفتاة إنما تزوجته هو ولم تتزوج أمه ، فيقع الصدع والنفور وتكون الصدمة .

قد يتساءل أحدكم : ألم تشدي الوطأة على الشباب بعض الشيء  ؟ ألم تقسي عليهم ؟

فأقول : ربما .. ولكني فعلت ذلك لأنه الجانب الأقوى في هذه الشركة . هو من بيده أن ينفق أو يبخل ، من يمسك أو يطلق ، من يكرم أو يهين ..

وفي كثير من الحالات كما هو مستفيض عند الناس يكون الرجل مسكوناً  بقهر الزوجة ، ولعاً بإشباع رغبات غير سوية في ضربها أو إذلالها أو تعذيبها جسدياً ومعنوياً ، ومن هنا نفهم سر توصية النبي صلى الله عليه وسلم : ” اتقوا الله في النساء فإنهن عوان عندكم ” ، فأمر بتقوى الله فيهن وجعلهن بمنزلة الأسير العاني الذي لا يملك لنفسه حولاً ولا قوة .

لا أدعي أني حصرت جميع الأسباب ، وإنما هي – كما ذكرت – محاولة لوضع اليد على الأسباب ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه .

وأرجو أن لا يفهم من تدوينتي أني ألقي باللائمة كاملة على الشباب في موضوع الطلاق .. ليس كذلك ألبتة .. فقط أردت أن أبين أن بعض هذه الأسباب تؤدي – متضافرة مع بعض الأسباب من جهة البنات – إلى الطلاق  ، وعلينا جميعاً أن ندرس هذه الظاهرة وننتقدها ، ونبحث عن آثارها في حياتنا  كطريق أولي لتفاديها .

 

 

Read Full Post »

استيقظت لصلاة الفجر ، وشرعت في إيقاظ الأولاد للحاق بالصلاة في المسجد والبنات للمدارس ، وإلى أن يستعدوا للقيام فتحت تويتر لأجد منشناً ورسالة على الخاص تسألني عن خالد ، وهل صحيح ما “سمعوه” ؟

هوى قلبي بين رجلي .. أنا لا أتابع خالداً في تويتر ، فما الذي ” سمعوه ” بالضبط ؟

جريت لحجرة فاطم فوجدتها تجلس على سريرها بذعر تمسك بجوالها وتقرأ .. سألتها عن خالد ، هل قرأت عنه خبراً ؟

أجابتني بالنفي وقالت : لا أعرف .. سألني سهل عنه ، وأرى هناك هشاتاق اسمه #freejst5ald ..

ما هذا الاسم المفجع ؟

وسرعان ما دارت بي الظنون .. هل اعتقل؟ لكني لم أسمع صوتاً في الليل وحجرتي تطل على الباب الخارجي مباشرة .

لِم لم تتصل بي أروى ؟ لِم يعتقل أصلاً ؟

أسرعت بالاتصال بأروى فلم ترد ، ثم بخالد ، فلم يرد .. هل اعتقلا معاً ؟

أفلام هندية انعقدت في مخيلتي على الفور ..

لا زلت تحت تأثير صدمة حمزة كشغري ، والذي تعاطفت مع أمه حتى قبل أن أسمع اتصالها ببرنامج البيان التالي .

فأنا أم ، ولي أبناء يخالفونني في الكثير من الآراء .. وأعلم جيداً كيف هو الشعور الذي يسفر عن التباين الواضح بين تربية الأم الحازمة وتفلت أبناءها من آرائها .

اتصلت بأروى ثانية ، فردت عليّ .

حاولت أن أتلمس في صوتها ذعراً أو خوفاً ، ولكنها كانت تتكلم بهدوء تام .

سألتها عن خالد ، فقالت موجود .. فقط قرر أن يحذف حسابه في تويتر ، وخلد إلى النوم .

كدت أن أسألها : متأكدة أنه موجود ؟ هل هو أمامك ؟

ولكني عدلت عن ذلك لأني اكتشفت أني سأبدو بلهاء لو سألت .

عرفت في  الأخير أنها مزحة من أحد أصدقائه حينما قررخالد إغلاق حسابه لفترة ، فأطلق الهاشتاق مع مزحتين صغيرتين ، لكنها كانت كفيلة بأن تقض مضجعي بسؤال الناس عنه .

نسيت في غمرة ذهولي أن أتابع الأولاد ليذهبوا للصلاة ، وجلست على السرير أحدق في الجدار الذي أمامي ، وذهني فارغ تماماً .

انتبهت متأخرة أن الصلاة قد انتهت وأن الفجر بدأ بالإسفار ، فقمت لأصلي وأعد البنات للمدرسة .

بعد مغادرة من في البيت أمسكت ثانية بالعصفور الأزرق الذي أزعجني تغريده وهز كياني النفسي ، وقرأت التغريدات المكتوبة ، ثم أفرغت بدوري كل ما في جعبتي من زقزقات صارخة وبكيت !

لأول مرة منذ دخولي هذا العالم اُصاب بإحباط عنيف  .

ماذا جنيت من تويتر ؟

قبل يومين يدعو عليّ أحدهم معتبراً إياي مدافِعة عن من انتقص الله تعالى ورسوله ، فقط لأني دعوت له بالهداية ، ولأمه بالربط على قلبها ، واليوم أصطبح بسؤال أثار في نفسي خوفاً ورعباً وبكاء .

ماذا جنيت من تويتر ؟

وسرعان ما انهالت عليّ الردود ..

ردود جميلة ومشجعة بالفعل أرضت الكثير من غروري .

كنت عازمة على إغلاق حسابي في تويتر ..

فلما قرأت هذه التغريدات ، فكرت في أن أعيد نظر في موضوع تويتر بأكمله .. في الحسنات والسيئات ، وبعدها أقرر.

وزادني إصراراً على ذلك تغريدة أخيرة وصلتني تعلن لي إتمامي عامي الأول في تويتر ..

ماذا جنيت من تويتر ؟

حسناً .. أعترف أن هناك بعض السلبيات التي تضايقني ..

هناك ” التميلح ” الذي أراه طاغياً بين النساء والرجال ، وكأنهم أخوة ومحارم .

بعض الناس تعدوا مرحلة النقاش الهادئ المحترم وتجاوزوا الحدود المعقولة في المزاح و “تلقيح الكلام ” حتى صرت أعجب من الأزواج والزوجات .. ألا يغارون ؟

أتراني أضايق أحداً بكلامي هذا ؟

 أدرك أني – كما ذكرت في البايو- مطوعة ، وهذا شأن المطاوعة دائما ً: هدم اللذات وتفريق الجماعات ولكنه يضايقني يا جماعة ولا أستطيع أن أكيّف نفسي لأرضيكم .

شيء آخر ..

بعض الناس يتحسسون من عدم متابعتي لهم أو يؤثر عليهم إلغاء متابعتي خاصة وأن ذلك لا يتم غالباً بعد مشادة ، وإنما سلمياً وحبياً .

فتجدني بين الحين والآخر أضطر إلى إصدار إعلان أبين فيه سبب عدم متابعتي لكل الناس أو إلغاء المتابعة ، وهو أني أجد من الصعوبة بمكان أن أتابع أشخاصاً يخالفوني كثيراً في منهجي وطريقة تفكيري .

عده توحداً ، عده غروراً .. عده تفرداً بالرأي أو أنانية .

ولكني امرأة فقدت – مع تقدمي في السن – أعظم ما يمكن أن يتحلى به الشباب وهو المرونة .

نعم ، لا أريد أن أقرأ مخالفة ساخرة لمنهجي أو للأشخاص الذين  أتبعهم أو أبجلهم ..

من حقي أن أرفض قراءة التغريدات التي تصم بعض مفردات منهجي بالتشدد والانغلاق ..

هذا أو أدأب على مهاجمة المهاجمين ومحاورتهم والرد عليهم ..

ولا أعتقد أن تويتر جُعل من أجل هذا ، فلذا كان إلغاء متابعة البعض ، وعدم متابعة البعض الآخر من الأصل خير الأمور بنظري ، خاصة لو كان هؤلاء من الموغلين والمكثرين في الخوض  وبسخرية .. ولكن بعض الناس حساسون ..

وهذه الحساسية تتعبني ..

في تويتر الكثير من الغيبة وإساءة الظن و( الحش ) وسوء الأخلاق .

في تويتر تصلني الأخبار السيئة التي تتعب قلبي بالفعل .

تصلني بالتفصيل .

أخبار سوريا .. أخبار المعتقلين .. أخبار التيارات الفكرية المناهضة .. أخبار الفساد في البلاد ..

وأظل أنزل كل ما أقرؤه على نفسي وأولادي ..

 ولا تزال الأفلام الهندية تعمل في ذهني ..

وأزداد قهراً وغيظاً .. إذ ليس بإمكاني أن أفعل شيئاً.

ولا تزال نفسيتي تتأثر ، فأنا – كما ذكرت  مراراً – صرت أكثر حساسية بعد السرطان ..

ربما لاقترابي جداً من الموت في فترة من الفترات .. ربما بسبب العلاج الهرموني الذي أتناوله الآن .. ربما أبالغ !

 ما هذا الطائر الأزرق المزعج ؟

عهدي بالعصافير أنها رقيقة ، ولزقزقتها جرس عذب ..

أما تويتر فيكون أحياناً غراباً متنكراً – ببلاهة – بزي عصفور أزرق صغير .

ولعل أكبر المساوئ التي وجدتها لتويتر : سرقة الوقت .

أضحك من نفسي على الأوقات الطويلة التي أمضيها في تويتر ولا يزيد عدد من أتابعهم عن 130 مغرد .

كيف كان الحال لو كنت أتابع 400 مثلاً ؟

فقدت متعة القراءة في الكتب الورقية ذات الرائحة الزكية  بسبب انشغالي في تويتر .

فقدت متعة جلوسي مع عائلتي ، فتجدني أغلب الوقت في حجرتي أبحث عن مصدر من مصادر …. الهواء ؟

لا ، بل مصادر تويتر : آيباد ، آيفون ، لاب توب ..

حتى أني فكرت في تحميل التطبيق في آيبود البنات ، ولكني تراجعت سريعاً بعدما أحسست بغباء الفكرة .

كنت أضطر في أيام الاختبارات إلى الحلف أني لن أمسك تويتر لمدة ساعتين لأتمكن من إنجاز شيء ما ..

يا للهول ! ساعتين !!

هذا إدمان ، لنكن صرحاء ..

وليس دواء للإدمان أفضل من الحزم والصرامة .

ولكن هل هذا كل شيء في تويتر ؟

وعدتكم أن أكون صريحة ..

لا .. هناك خير كثير .. وبرأيي أن الخير يعتمد على المرء : يجلبه لنفسه أو يدفعه .

استفدت من تويتر أن أعرف الشر ..

قد يكون من الشر التعصب لرأي واحد طالما نشأت عليه دون الإصغاء للآراء الأخرى التي قد لا تقل وجاهة وتعقلاً عن رأيي .

تعلمت في تويتر أن أُعمل عقلي وأعترف بالخطأ ..

أعتبر نفسي امرأة عاقلة ، لي من الحكمة التي في اسم عائلتي نصيب .. وعندي بعض العلم الذي اكتسبته من الشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين رحمهما الله .

قد لا أكون محقة دائماً ، ولكني لن أعدم بعض الحق .

فلأفكر إذن ، ولا أتعصب لرأيي .. المهم أن أفكر ، أن أعمل الأدلة التي طالما درستها .. أن أقلب الأمور في ذهني ، ثم أمضي بما أراه صائباً ، مراقبة الله تعالى في ذلك .

تعلمت في تويتر ضبط النفس ، إذ أن تغريداتي لا تعجب كل الناس بالضرورة ، وهذا حق ، فالناس تتفاوت أذهانهم وآراءهم ، ولا زال الاختلاف من سنن الله في عباده  ، ولكن بعض المتابعين تضيق نفوسهم برأيي المخالف لهم فيسيئون الأدب ويتعدون الحدود ويشعل الشيطان في النفوس نار الجدال والغضب ، فأتذكر ( لا تغضب ) ، فأرد على سفه البعض بتعقل ، فإن استمر في سفهه فإني أعد كلامه السيء لغواً ، أمر عليه قائلة ( سلاماً ) وأترك الجدال وإن كنت محقة .

استفدت من تويتر أجوراً  أرجوها من الله تعالى ، إذ أنه مجال خصب للدعوة والتذكير بالله الجليل بين أناس فيهم الكنوز الهائلة من الخير طمرتها أتربة الغفلة والهوى ..

أذكرهم ، وأذكر نفسي عن طريقهم ، فلا أريد أن أدخل في الوعيد ( كنت تأمر الناس بالمعروف ولا تأتيه ، وتنهاهم عن المنكر وتأتيه ) .

أنشر بينهم حب الله تعالى الذي أراني – حينما مرضت بالسرطان –  منه ما تعجز الألسن عن وصفه من الجمال والجلال والخير .

لا أريد أن يُبتلوا ليشعروا بما شعرت به من نعيم .

استفدت من تويتر حب الناس وجبرهم لخاطري وتشجيعهم لي ..

كاذب من يدعي أنه لا يحب الثناء ، فلو كان المثنى عليه امرأة كان حب ذلك أبلغ !

حقاً إنه شعور موغل في اللذة والسعادة أن تجد من يمدحك ويشعرك بأهميتك ويثني على بعض صفاتك في وسط يحب كثير من أفراده التهجم والانتقاد واللمز .

ثم ترجع وتجدد حمدك لله على هذه النعمة العظيمة .

استفدت من تويتر التسلية الهائلة في الأوقات التي أكاد أن أتشقق فيها من الملل .

في السيارة ، في السفر ، في الأعراس ، في أي مكان غثيث .

هذه الحسنات ، وتلك السيئات ..

ترى أي جانب سيطغى ليؤثر على قراري ؟

Read Full Post »

يقولون أن الإنسان كائن اجتماعي بطبعه ، ويقولون : جنة بلا ناس ما تنداس .

ما الذي يمنع من أن أضع بصمتي كذلك في عالم الأقوال ،  فأقول : إذا أردت أن تستمتع بحياتك فأحط نفسك بفرقة تشجيع Cheerleaders .

حينما أُصبت بالسرطان قبل سنتين ، أحاطني الله بمجموعة جميلة من فرق التشجيع ..

كنت أحياناً أعاني من الغثيان ، أو الألم بسبب عقار التاكسوتير ، أو الإحباط حينما أرى رأساً كالبيضة يتوسط كتفي ، أو أنظر إلى وجهي فلا أجد رموشاً ولا حواجب ، أو يقرصني الجوع ويرفض لساني بعناد قبول أي طعم .

لم أكن أترك لنفسي العنان للانسياق في المشاعر السلبية ، فكنت كلما حشرني موقف صعب استعنت بالله وتجلدت له ورميته وراء ظهري فقد كنت موقنة أنه لا ينبغي لي أن أبكي .

ربما لأني شعرت أن البكاء فيه نوع تسخط على قضاء الله عليّ، على الرغم من محاولات صديقاتي المستميتة في إقناعي بأن البكاء لا يتنافى مع الرضا ، ولكن هيهات ، يبدو أن الكيماوي سبب لي بعضاً من الثخانة في قشرة الدماغ الخارجية.

ربما لأني كنت أكره أن تراني أمي أبكي فيألم قلبها لي ، أو تراني شمس فتنزوي في رعب حين ترى الجبل الشامخ يهتز.

ربما لأني أعلم أني لو بكيت فلربما لن أتوقف إلا بعد ساعتين وقد انتفخت أجفاني واحمر وجهي ، وارتفعت درجة حرارتي.

فكنت أفضل تجاهل الأمور ، وتمثيل اللامبالاة وكأن الأمر لا يعنيني ، وكأن غيري أصيبت بالسرطان، وكأن غيري استؤصل ثديها ، وكأن غيري أصيبت بالصلع ، وكأن غيري ابتعدت عن أبنائها لتتلقى العلاج ، وكأن غيري انفصلت عن زوجها.

ولكني رغم كل شيء كنت – ولا زلت – بشراً  يعتريني من لحظات الضعف ما يعتري الآخرين ، فأتخاذل ، إلا أنني بحمد الله كنت دائماً أتخاذل أمام الناس ( الصح ) .

أمام بنات أخواني اللواتي يسكنّ مع أمي في ذات العمارة حيث أقمت لتلقي العلاج . كثيراً ما كنت أسمع ثناءهن على حكمتي ، كثيراً ما أشعرنني بأنني ملكة ، لا تحتاج إلا أن تشير فيخدمها الجميع ، كثيراً ما كن يستشرنني في أمورهن الخاصة ، كثيراً ما كن يدفعنني للحديث عن نفسي لأن النفس تحب ذلك ، كثيراً ما  أوحين إلي بحب الحياة ، فعلمتني إحداهن التصوير ، وأهدتني أخرى دفتراً ملوناً وقلماً جميلاً استعداداً للدراسة  الجامعية ، وأنا التي كدت أن ألغي شراء حقيبة  أوصيت بها قبل معرفتي  بتشخيص المرض لأني لم اشأ أن أضيع أموال ( الورثة ) .

كثيراً ما كنت أتهاوى لثقل ما  أتحمله فأبكي لأجدهن يبكين معي ، حتى إذا ما  أفرغت انفعالاتي المضطرمة  في دقائق وسكتُّ ، سكتن كذلك وغيرن الموضوع في مرح ، وكأنهن لا يحتجن إلا إلى ضغطة زر ليتقمصن المزاج الذي كنت فيه فيوافقنني ، وكانت الصغريات منهن يستمتعن بالمسح على شعري النامي القصير ، ويراقبن بفرح وحماس نموه يوماً بعد يوم .

معهن شعرت أني في عوالم رحبة ، لا أني مريضة سرطان على وشك أن تموت كما يوحي إلينا اسم ( السرطان ) .. شعرت وأنا في تلك الفترة الحرجة بأني أريد أن أعيش لأسعدهن كما أسعدنني .

وفي المدينة كانت هناك فرق تشجيع أخر ترسل الطعام لأولادي بين الحين والآخر ، غداء أو عشاء ، أو مجرد فطائر وكيك، من نادية وعائلتها المباركة ، من لينا ، من لمياء ، وتصلني الأنباء من الأولاد ، ويمتلئ قلبي شكراً لله ثم لهؤلاء الأخوات الرائعات اللاتي ما فتأن يرسلن رسائل مخبأة في ( البريك المديني ) أو ( الرز الكابلي ) أو ( البيتزا ) بأننا هنا فلا تشيلي هم !

وقبل أشهر ألقيت  دورة مكثفة في أحد المعاهد العلمية في فن مصطلح الحديث استمرت شهراً . ولما كنت – بطبعي-لا أستطيع أن أظل جادة جداً لأكثر من ربع ساعة ، فكثيراً ما كنت أخرج عن الموضوع الأصلي لألقي طرفة هنا أو قفشة هناك وكونت الطالبات عني بعض الأفكار .

في يوم كنت ألقي الدرس أمام 24 طالبة وفجأة انتبهت أن في الصف الأيمن جلست ست طالبات متجاورات يرتدين ثياباً بدرجات البنفسجي المختلفة ، فقطعت الدرس وقلت : ” الله ، هذي الناحية لونها جميل” ، وأدرت نظري إلى الجهة الأخرى لأرى نفس المنظر ، وحينما أمعنت النظر وجدت أن 18 من الأربع والعشرين يرتدين اللون البنفسجي والذي علمن بمحض الصدفة ولعي به ( و لا ، لا يترتب على الدراسة أي درجات ، لو تفهمون قصدي ) .

تصايحت الطالبات : ( توك يا أبلة تنتبهي ؟ ) .. نعم لا أتمتع بقوة الملاحظة فلم أنتبه إلى هذا التوافق اللوني إلا  في المحاضرة الثانية بعد الفسحة ، وعلمت باتفاقهن على ارتداء البنفجسي إدخالاً للسرور على نفسي .

لم أتمالك نفسي ودمعت عيناي . هاهنا رسائل حب مغلفة بالبنفسجي أعطتني دفعة أقوى للحياة في الوقت الذي كنت أحاول أن أتكيف مع خروج سهل من البيت ، شكرتهن وأخبرتهن أنهن فرقة من فرق التشجيع التي وهبني الله إياها بعد انتهاء فترة علاجي وابتعادي عن بنات إخواني .

أما الحفل الختامي فكان حكاية أخرى : هدايا بنفسجية وكلمات رقيقة وحب جارف ملأ قلبي حبوراً .

وفي هذه الأيام أقيمت مسابقة في عالم تويتر الأخاذ لأكثر من يُرشح متابعته هذا الأسبوع .

فوجئت بمن يرشحني مع سبع متسابقين آخرين .

لن أكذب وأقول أن الأمر لم يهمني أو أن ترشيحي وعدمه سواء .

بالعكس ، فرحت وتحمست للأمر ومن باب ( البهللة ) قمت بحملات انتخابية ودعائية وكم كانت سعادتي بتلقي كماً هائلاً من التشجيع والحب من أناس لا أعرفهم ولم أقابلهم في حياتي ، وإنما كان هذا العالم الافتراضي هو مكان لقاءاتنا المتكررة .

وسبحان الله ، مرة ثانية تكون فرق التشجيع هذه شاغلاً لذهني عن البلاء الجديد الذي اقترب موعده ( فضلاً مراجعة التدوينة التي تحمل هذا الاسم ) .

أحياناً حينما ( يكبس ) عليّ مود الحزن يهتف صوت عميق في داخلي محاط بموسيقى تصويرية مأساوية ، يقول : هناء، احزري .. بقي عشرة أيام فقط على سفر سهل إلى أمريكا ، ولن تريه إلا بعد سنة .. سنة .. سنة .. سنة ..

الله العالم من سيموت ومن سيعيش في هذه السنة .. سيتركك الابن البار .. سنة .. سنة .. سنة ..

وتدمع عيناي وأبدأ في الاندماج في هذا ( المود) لأسمع صوت ( المنشن ) في الآيباد وأجد رسالة تشجيع جميلة من أحد المتابعين ودعاء بالفوز في هذه المسابقة ، فأكفكف دمع قلبي وأنهمك في حملاتي الانتخابية والتصويت .

واليوم انتهت المسابقة ولم تعلن النتيجة بعد .

إلا أن الحب والتشجيع والكلمات الدافئة التي أحاطني بها المتابعون الأعزاء أضفت سروراً عطراً على حياتي  لم يعد يهمني معه على أي مركز حصلت .

أشعر أني بكل تلك المشاعر الدفاقة قد حصدت أعلى النتائج .

سبحان الله ، كم من الكلمات والتصرفات والهدايا البسيطة التي يمكننا أن نقدمها ولا نلقي لها بالاً يمكنها  أن ترفع أناساً إلى قمة السعادة .

لماذا نعاني من البخل في الألفاظ والمشاعر مع أنها قد تقلب كيانات لأناس كثيرين ، وقد يكونون  بأهمية  بالغة في حياتنا كآباء أو أبناء أو أزواج ، أو مجرد أصدقاء .

العلاقة الطيبة تحتاج إلى وقود يبقيها مضرمة .. الكلمات الرقيقة والمشاعر الصادقة خير وقود لهذه العلاقة .

متابعي الأعزاء .. لا أملك إلا أن أشكركم على دعمكم وتشجيعكم ، أسعدتم قلبي الكهل بالفعل ، ورسمتم البسمات المتتاليات على شفتي ، ووهبتموني بكرم أخلاقكم وجميل خصائلكم سويعات غاية في الإمتاع .

أسأل الله أن يتولاكم برحمته ويرزقكم من فيض خزائنه .

Read Full Post »

( هذا الكتاب مخصص للفئة العمرية بين 2-12 سنة )

قد يتبرم البعض من هذه المقدمات الطويلة التي تسبق التربية السحرية الفعلية ، ولكني أذكرهم هنا بأهمية هذه المقدمات لأنها تسلط ضوءاً ساطعاً حول حقائق يغفل عنها الآباء ويترتب عليها نجاح أو فشل تقنيات التربية السحرية ، لذا وجب وضعها بعين الاعتبار والاهتمام بها .

نظرية الأطفال البالغين :

هناك فكرة ملحة ومقلقة يحملها الآباء و المدرسون في عقولهم عن الأطفال تسمى ” نظرية الأطفال البالغين “.

 هذه الفكرة الساذجة لا تؤدي فقط إلى فشل التربية وإنما أيضاً إلى حدوث المشاهد العاصفة والتي قد تتضمن أذية الطفل child abuse  ( قلت : وهي جريمة يعاقب عليها القانون الأمريكي بصرامة ) .

فكرة نظرية الأطفال البالغين تتلخص في الاعتقاد بأن الطفل يمتلك قلباً من ذهب وأنه مخلوق عاقل وغير أناني ، باختصار هو نسخة مصغرة عن البالغين ، وعلى هذا فكلما يخطئ الطفل فإن سبب ذلك أنه لا يمتلك المعلومات الكافية في رأسه والتي تجعله يتخذ التصرفات الصحيحة ، والحل ببساطة هو إعطاؤه الحقائق الكافية .

مثال لهذه النظرية :  تخيل أنه في الساعة الثانية ظهراً قامت سندس 7سنوات بضرب أحمد 4سنوات  للمرة العشرين منذ أن رجعا من المدرسة فماذا ستفعل ؟

لو كنت تفترض أن طفلتك هي بالغة صغيرة فإنك ستجلسها وتنظر في عينيها وتحدثها عن الأسباب الذهبية الثلاثة التي لا ينبغي لأجلها أن تضرب أخاها ؛ أولاً : أن هذا يؤلمه ، ثانياً : أن هذا يجعلك غاضب منها ، وثالثاً- وهو الأهم – ماذا ستشعر لو أن أخاها سامي 10 سنوات فعل معها الشيء ذاته ؟

الآن تخيل بعد كل هذا الشرح ، ستنظر إليك طفلتك ويستنير وجهها وتقول : “أوه ، لم أفكر بهذه الطريقة من قبل ” ثم تكف عن أذية أخيها حتى نهاية حياتها .

المشكلة في اتباع هذه النظرية ، أن الآباء الذين يريدون التصديق بأن الأطفال هم بالغون صغار يعتمدون بقوة على الكلمات والأسباب حين التعامل معهم ، وهذه الكلمات والأسباب بذاتها ستكونان سبباً لفشل التربية في أغلب الأوقات وستؤدي إلى حدوث المتلازمة : تكلم- أقنع- جادل- اصرخ- اضرب.

كم مرة قرأت في كتب التربية أن على الأب أن يشرح لطفله الأسباب مهما طال الوقت ، فتقوم أنت بالشرح لطفلك ذي الخمس سنوات لماذا عليه أن يكون مؤدباً فلا يتجاوب ، فتحاول أن تقنعه لكي يرى الأمور بمنظارك ، فإذا فشل الإقناع فإنك ستشرع بالمجادلة والتي تقود بدورها إلى الصراخ ، فإذا فشل كل ذلك فلعلك ستشعر أن كل  الوسائل قد استنفذت ولم يبق إلا الضرب لشعورك بأنك تفقد زمام الأمور وأن نظريتك المفضلة قد خابت .

لعل نظرية الأطفال البالغين هي السبب الرئيسي وراء أذية الأطفال واضطهادهم . الحديث والشرح لاشك أنه مهم في تربية الأطفال، ولكن الأطفال يظلون أطفالاً وليسوا بالغين . وقد كتب أحدهم مرة أن الأطفال مولودون وهم متصفون بالأنانية وعدم العقلانية  ، ويحصلون على ما يريدون في الوقت الذي يريدونه ، وبإمكانهم أن يتسببوا في إحداث قلاقل في مقابل الحصول على ما يريدون .

إن وظيفة الأب ( والمعلم ) هي مساعدة الأطفال ليتغلبوا تدريجياً على نوبات الغضب ، وفي سبيل تحقيق ذلك عليهم أن يتحلوا بالرقة والمثابرة والحزم والهدوء .

ابدأ أولاً بتغيير اقتناعك بنظرية الأطفال البالغين ، فبدلاً من أن تعتقد أن الطفل هو نسخة مصغرة علن البالغين ، فكر فيه كأنه حيوان شرس عليك أن تروضه ( قلت : ومع تحفظي على هذا الأسلوب الأمريكي المتناهي في الصراحة المؤلمة إلا أني أوافقه في هذا التفكير ) . لا أعني بالطبع استخدام السوط والمسدسات والكراسي في ترويضه ، ولكن لاحظ أن مروض الحيوانات يعتمد بشكل كبير على طريقة التكرار حتى يتعلم ( المتدرب ) ماذا يريد منه مدربه ، لذا كان من الضروري أن يتحلى المدرب بالصبر والرقة والإصرار .

لحسن الحظ لا تحتاج مع الطفل أن تكرر الأمر لفترة طويلة إلى أن يستجيب وعندها يمكنك إضافة بعض الحديث والإقناع كلما تقدم الطفل في العمر ، لكن تذكر : يمكنك أن تلجأ إلى إعطاء تبرير واحد إذا احتاج الأمر ، أما مبدأ إعطاء التبريرات والتسويغات المستمرة هو الذي يوقع في المشاكل .

 

دكتاتورية أم ديمقراطية :

حينما يكون طفلك صغيراً ، لابد أن يكون بيتك أقرب ما يكون بحكم دكتاتوري حيث تكون أنت القاضي وهيئة الإدعاء. لا يمكن لابنك البالغ 7 سنوات مثلاً أن يقرر في صباح الأحد عدم الذهاب للمدرسة لأنه يريد أن يجلس في البيت ويتفرج على أفلام الكرتون .

لكن إذا ما كبر الأطفال وصاروا في بداية مرحلة المراهقة وأوسطها عندها لابد أن يتحول الحكم قريباً إلى الديمقراطية . وحتى إذا صاروا في مراهقتهم فإنه في وقت الضرورة لابد أن تكون أنت الحاكم . من الذي يدفع الإيجار ؟ أنت . ومن يعرف مصلحة الأطفال أكثر ؟ أنت . فعند الضرورة فإن لك الحق – وعليك الواجب- أن تضع حدوداً للأطفال ولو لم يعجبهم ذلك .( قلت : لاحظوا أن القائل هو هذا الشخص لأمريكي وليس أنا ) .

كثير من الآباء في هذه الأيام ترعبهم فكرة أن أطفالهم لن يحبوهم ، لذا كردة فعل يظلون يبررون ويبررون ويبررون آملين أن يأتي إليهم طفلهم ويقول : أوه ، لم أفكر في هذا الأمر بهذه الطريقة من قبل ، وحتماً سيغضبهم أنه لن يفعل.

 

الخطآن التربويان العظيمان :

يقع الآباء في خطئين تربويين عظيمين عند القيام بتربية الأطفال :

1-              الكثير من الكلام .

2-              الكثير من المشاعر .

إن التفكير بنظرية البالغ الصغير ومن ثم الثرثرة حول الأمر  سيؤدي حتماً إلى متلازمة : تكلم – أقنع- جادل- اصرخ- اضرب .

ماذا عن المشاعر الفياضة .. لم لا ؟ نسمع ناس كثيرون يقولون : أطلق ما بداخلك ، تكلم وعبر عن نفسك ولا تدخر شيئاً في نفسك ، حتى بدا ذلك كما لو أنها الرسالة الكونية الجديدة .

هل تعتقد أن هذا اقتراح جيد لك كأب ؟

في الحقيقة هناك جزء منطقي في هذا الاقتراح ، وجزء غير ذلك .

لو كان ما في داخلك مشاعر إيجابية تجاه الطفل فأطلقها بلا تردد . عبر عن حبك أو انثر بعض الثناء ، حتماً لن يؤدي ذلك إلى أي ضرر ، بل كل خير .

أما الجزء السيء في الأمر فهي المشاعر السلبية من الغضب أو الضيق من الطفل فإن إطلاقها سيؤدي إلى الكثير من المشاكل ولا شك ، لأن الأب حينما يكون غاضباً فإنه يفعل التصرف الخاطئ دائماً . بإمكان البالغ الغاضب أن يصرخ أو يحقّر أو يضايق الطفل ، وبعضهم قد يكون خطيراً أيضاً .

التربية السحرية تعلم الأب كيف يتحكم بغضبه إذ أن ذلك مفتاح لسلوك الطفل .

سبب آخر مهم للتحكم بغضبك أن الطفل يتسلى بذلك كثيراً .

 يشعر الأطفال أنهم عاجزون : يرون أنفسهم أقل ذكاء ، أقل مهارة ، أقل تميزاً ، أقل تحملاً للمسؤولية وأقل في كل شيء من آبائهم أو أخوتهم الكبار . هذا الشعور بالدونية يضايقهم كثيراً ولا يحبونه  . هم يودون لو كانوا أكثر قوة وقدرة على وضع بصمة في هذا العالم .

 راقب طفل السنتين كيف يحاول تقليد طفل الخامسة الذي يمكنه فعل الكثير من الأشياء الجميلة .

وفي المقابل فإن طفل الخامسة يحب تقليد طفل العاشرة الذي يسعى بدوره إلى تقليدك حتى في استعمال السيارة والجوال والبطاقة الائتمانية .

هم يريدون صنع التغيير والأحداث في العالم . هل راقبت قط طفلاً يظل يرمي في البحيرة الحجر تلو الحجر ، وقد يظل في هذه الوضعية الأوقات الطويلة . هذا الأمر يحدث لهم متعة فائقة ربما – إلى حد كبير- بسبب رؤيتهم لما أحدثته أيديهم من تناثر الماء وصنع الدوائر التي تكبر . غضبك يشبه تماماً تلك الدوائر وتمثل للطفل المتعة نفسها .

اندلاع غضبك سيؤدي عرضاً إلى إحساس الطفل بقوته ، وهذا شعور  طبيعي للغاية يرضي إحساس الطفل بالعجز .

وعلى هذا فهناك قاعدة مهمة : إذا فعل طفلك شيئاً لا يعجبك وأظهرت غضبك البالغ بشكل متكرر فإنه سيكرر فعلته تلك مراراً وتكراراً .

عند التربية عليك أن تكون صبوراً وهادئاً ومثابراً ، لذا فمن الضروري اتباع قاعدتين مهمتين  : لا كلام ، لا انفعالات ، وهذا يعني القليل جداً من الكلام والقليل جداً من الانفعالات ، وهو أسلوب بسيط جداً إلا أنه فعال لو طُبق بعناية.

هناك أساليب أخرى في التربية السحرية ، ولكنها ستغدو عديمة الفعالية لو أنك صرت تتكلم كثيراً وتنثر انفعالاتك بسخاء ، لأن عدم التقيد بذلك هو “الغضب ” في الحقيقة .

بإمكان بعض الآباء كبح جماح أنفسهم في  التمادي في الكلام والانفعال كما لو كان زراً يضغطونه ،في حين أن البعض الآخر يحتاجون إلى عض شفاههم في عصبية لمنع أنفسهم من التفوه بأي كلمة أو إظهار أي انفعال قد يدمر المسيرة التربوية .

قد يكون الأمر صعباً في البداية : أن تذكر نفسك بالتزام الصمت والهدوء مراراً وتكراراً أمام كل سلوك خاطئ ، ولكنك ستتعود عليه سريعاً إذا ما ثابرت . أما إذا انقضى شهر إلى 6 أسابيع في تطبيقك للتربية السحرية ولم يحدث أي تغيير في عاداتك فعليك عندها مواجهة الحقيقة : لابد من استشارة مختصة في هذا الصدد .. الاستشارة لك وليست للطفل !

لاحظ أن الكلام عن الانفعالات يدور حول الانفعالات السلبية لا الإيجابية . الأب الجيد بعبر لطفله بدفء عن حبه وشغفه ، وينصت جيداً لشكواه .. ليس هذا المقصود بالرفض ..

المقصود أن ينتبه الأب جيداً في حال حدثت المصادمة بين الأب و الطفل .

 

في التدوينة القادمة سنناقش :

أسلوب العد : طريقته ، مزاياه ، استخداماته .

Read Full Post »

Older Posts »