الأربعاء 20 رمضان 1441، الموافق لـ 13 مايو من عام 2020
مدونتي الحبيبة
متى بدأ رمضان ومتى مضى ثلثاه.. بقي القليل وسينقضي الشهر الذي أنتظره أحد عشر شهرا.. الأيام تمر بأسرع مما نتخيل. يا الله متى زرتكِ آخر مرة؟ ذاك زمن بعيد. ولكن في الحقيقة شيء ما يصدني عن الكتابة. أستثقل جدا فتح صفحتي والكتابة فيها مع أنني أقضي وقتا طويلا على مكتبي في استخدام الكمبيوتر، ولكن التدوين بالذات لا أعرف سبب ثقله على قلبي مؤخرا. في ذهني يدق جرس ممل: اكتبي مذكراتك في العزل، اكتبي مذكراتك في العزل!
ما من جديد إلا أني حصلت بفضل الله على اعتماد السجل السعودي لمحترفي اللياقة البدنية، فصرت مدربا شخصيا معتمدا، وكافأت نفسي على هذا الإنجاز بأن ابتعت دورة جديدة في تدريب النساء بالذات. كما انتهى تحدي العيد الذي امتد لشهرين متواصلين كانا بمثابة طوق النجاة لي ولكثير من المشتركات انتشلنا من الإحباط والملل الذي صاحب الحظر، وأزعم أن التحدي قد آتى أكله مع أغلب المشتركات ولله الحمد والمنة، ويا له من شعور فائق الجمال أن يكون التحدي الذي ابتكرته مصدر سعادة وإنجاز على الكثيرين، وما هو إلا فضل الله .
لا زلنا في الحظر وإن صار جزئيا الآن، وتمكنت من زيارة أمي عدة مرات.. لازلت أشعر بالراحة والاطمئنان مع وجود هذا الحظر، صرنا نتناول أغلب وجباتنا سوية، وآنس لسماع صوت جيراننا وهم يضحكون في ساعات متأخرة من الليل. ولكن الموقف يزداد غرابة. هذه القرية الصغيرة اختبأ سكانها في بيوتهم وما عادوا يجسرون على الخروج إلا خلسة خوفا من عدو خفي يتربص بهم في أكف أصدقاء أو أقرباء أو زملاء أو مجرد عابري سبيل، ومن يخرج لغير حاجة فما هو إلا (مهايط) قد يدفع ثمن (هياطه) قريبا..
أنا أيضا أحاول هذه الأيام التقليل من الخروج. أحاول التشبث بلحظات رمضان والاستمتاع بها لآخر قطرة ولولا غياب صوت التراويح لكان الوضع شبه مثالي عندي. غياب صوت التلاوات من المساجد المجاورة يؤلم قلبي. هذا الشهر الذي أنتظره طوال السنة يأتي بدون طقوسه الحبيبة، وأعلل نفسي: جربي يا هناء رمضان بمذاق جديد. بلا أصوات التراويح ولا اجتماع الأهل على موائد الإفطار، ولا تحضيرات للعيد الذي سيكون فيه حظر تام، وحاولي أن تستخرجي حلاوة رمضان من غير ما ذُكر، وإنما من الذكر والعبادة التي يظل أثرها فعلا.
لا أعرف ما عساي أن أدون من ذكريات العزل؟ الأيام متشابهة عند الجميع (ألم أذكر هذه الجملة في تدوينتي السابقة؟). لابد أنك تلاحظين حيرتي في الكتابة، ولكني خالية الوفاض حقيقة. كتبت فقط لأرتاح من هم التفكير ومن طنين الجرس المزعج في ذهني: اكتبي مذكراتك في العزل، اكتبي مذكراتك في العزل!
نسيت أني المرأة الحديدية !
أضف تعليق