لماذا يطلق الشباب ؟
17 مارس 2012 بواسطة هناء
بعدما لاقت تدوينتي السابقة في أسباب طلاق الفتيات بعض النجاح بفضل الله تعالى ، كان من اللازم ذكر الأسباب التي يطلق فيها الشباب بعد زواجهم بمدة قصيرة .
لا أدعي أني أتقنت كتابة هذه التدوينة ربما لأني لست (شاباً ) فلن أجيد فهم ولا تخيل المشاعر والدوافع كما حصل في تدوينة الفتيات ، ولكن حسبي أنها محاولة بسيطة وخطوة من مئات الخطوات نحو الإصلاح ، قابلة للتصحيح والنقد والتغيير .
لذا كان لابد من الاستعانة – بعد الله تعالى – بصديق ، بل أصدقاء ، وكالعادة يممت وجهي شطر العصفور الأزرق ( المزعج أحياناً ، المفيد أحياناً أخرى ) تويتر ، وتوجهت بسؤالين نحو الشباب :
الأول : لماذا تقدمون على الزواج ، ما السبب الدافع للزواج ؟
الثاني : برأيك ما سبب طلاق الشاب لزوجته التي تزوجها قريباً ؟
أما عن إجابة السؤال الأول فتلخصت دوافع الشباب على الزواج في الرغبة في : إكمال نصف الدين ، العفاف ، إنشاء أسرة ، ليكون أباً ، الحاجة الفطرية ، والحصول على راتب الزوجة !
في الحقيقة اعترتني الدهشة من هذه الإجابات الجادة ، ولا زلت أجهل هل هذه الإجابات “نموذجية” وتعبّر حقيقة عن الواقع ، أم أنها “مثالية” تعبر عن الرغبة في أن يكون الواقع هكذا .
وسبب دهشتي أني لم أتخيل مدى جدية الشباب في تكوين بيت وأسرة ، وكأن هذه الفكرة مقتصرة في ذهني على الفتيات ولا تسألوني لماذا أرجوكم .
وحين سألت السؤال الثاني توافدت إليّ الكثير والكثير من الإجابات من الشباب والبنات على حد سواء ، ولكن رأي الشباب هو ما كان يهمني حقاً ، فالأمر يخصهم في المقام الأول .
حاولت لملمة أطراف التغريدات التي وردتني ، واستطعت حصرها في بضع نقاط :
– عدم التصور الصحيح لمفهوم الزواج ، مثل ما هو الحال عند كثير من الفتيات . فبعض الشباب يقدمون على الزواج وفي رأسه آمال وأحلام بتكوين “عش” الزوجية وبإنجاب عدد من الأطفال الظرفاء ، وربما يكونون في خيالاته شقراً ذوي غمازات وعيون زرقاء ( طبيعي ، وإلا فكيف يكونون ظرفاء! ) نظيفين على الدوام ومبتسمين و ( عُقّال) مهذبين ، ويتخيل نفسه بعد عناء يوم طويل في العمل يدخل بيتاً مكيفاً ، محملاً بأكياس البقالة التي حوت على أطايب الأسواق ، فيجد امرأته الجميلة النظيفة المرتبة تحمل عنه حمله وتهمس له بصوت كتغريد العنادل : هات عنك يا حبيبي ! وقد يمر بفترة ( ملكة ) مثالية ، غارقاً في الوسامة والأناقة وتبادل الهدايا ومعسول الكلام ، فإذا ما تم الزواج وجاء الأطفال كانت الفاجعة ، فهو لم يصدق أبداً أن يكون وحم الحمل بهذا الإزعاج لزوجته وله على حد سواء ، ولم ينم من قبل في غرفة واحدة مع طفل يعوي طوال الليل بسبب المغص ، ولم يخطر بباله أن المرأة بشر وليست ملاكاً أو مخلوقاً أسطورياً ، وإنما كائن ضعيف ليس في شدة الرجل وقوة أعصابه ، ويعتريها ما يعتري البشر من التعب والملل والإرهاق ، فينعكس ذلك على أدائها الوظيفي من جميع جوانبه ..
– البعض لا يفهم من معاني الزوجية والقوامة إلا فرض قوانين صارمة لا تعرف المرونة ، تعتمد على رعاية الفتاة لبيتها بالمعنى الحرفي القديم ، وتخاطبه بذات الاحترام الذي تعاملت به الجدات ، في حين لا يلزم نفسه بالتصرف كما تصرف جده الأول ، فتجد معاني الشهامة والرجولة بل و الفروسية مغيبة تماماً عن خاطره ، وما في ذهنه من معاني القوامة إلا الأمر والنهي والضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه مخالفة القوانين ، فيقع في ذات الشرَك الذي وقع فيه والداه من قبله وكأن المسألة وراثية أو عدوى ..
– الإغراق في المثالية ، فهو يريدها كما يذكرون في المجالس : جميلة ، بيضاء ، دعجاء العينين ، في صوتها بحة ، وفي وجهها وسامة ، أديبة تقنع بالقليل ، إذا تكلمت بالكاد أسمعت ، وإذا قهقهت تبسمت ، تضربها فتقول لك (كمان ) ، وتشتمها فتقول لك : (هل من مزيد ) الخ …
وهو مع هذا كله إذا نظر إلى المرآة لم يجد في خلقته ولا في حسن هندامه عشر ما يطلب ، وكأن الهيئة الحسنة مطلب مقصور على الرجال دون النساء . ولا أنسى امرأة كانت تشتكي إليّ من زوجها أنه يطلبها أحياناً إلى الفراش وهو في حال مزرية من الشعث والحاجة إلى الاغتسال والتنظف ، ويعتذر لها بتعبه وإرهاقه الشديد لتأمين لقمة العيش ، وعليها الآن أن تهيأ له نفسها كي يصيب منها ما يريد ويخلد للنوم .
لا بأس ؟ لا ترون في ذلك غضاضة ؟ نعم قد يكون الرجل متعباً أحياناً فلا نكلفه ما لا يطيق ، ولكن ما باله يرى العود في عين امرأته ولا يرى الجذع في عينه ؟
وقد لا يطالب بجمال زائد أو صفات خلقية معينة ، ولكنه يتمثل فيها أمه .. فينشد في طعامها نَفَس والدته ، وفي تعاملها خلق أمه ، وصبرها ، وحلمها وسعة صدرها وعقلها ومرحها وذكاءها ووو ، وينسى أن لكلٍ شخصية وصفات تتعلق بالمراحل العمرية المختلفة .
– المطالبة بالحقوق دون إعطاء الواجبات . فتجد الكثيرين لا يفتئون يتغنون بصفات الزوجة الصالحة وحقوق الزوج على زوجته ويحشد الأحاديث في فضل الزوج وعظيم حقه ، ويغض الطرف عن واجباته تجاهها المادية والمعنوية والجسدية ، فيطالِب ويرفض أن يطالَب ، ويحاسِب ويأبى أن يحاسَب ، وقد يسايره المجتمع في هواه في الكثير من الأحيان لأنه على هذا قام في كثير من الأنحاء : المجد للرجل ، وللمرأة الفضلة . وإنّ شركة لا تقوم على أساس العدل والإنصاف واحترام المتعاقدين لبعضهما البعض وإعطاء كل منهما الآخر حقه كاملاً لهي شركة خاسرة ، متهاوية ولو بعد حين . وأشد ما يؤسف له أن كثيراً من هذه الشركات تسقط بعد عقود من الزمان ـ لأن ما بُني على أساس ضعيف فإن مصيره إلى الاضمحلال .
– ومثل الفتيات بعض من الشباب : لم يتحمل أي مسؤولية منذ صغره ، وكل مبلغه من العلم بالمسؤولية : الإتيان ببعض مستلزمات البقالة ، وحماية اسم أمه وأخته من الانتشار بين الشباب . فإذا تزوج وعلم أن الأمر أكبر من ذلك : المسؤولية العظمى هي كونه راعياً لرعيته .. كانت الصدمة ..
بعض الشباب لم يسمع أن من صفات القادة والرعاة على حد سواء : الرفق والصبر والحزم وتقديم الصالح العام على الصالح الخاص . لم يعرف أن من المسؤولية تقديم الدعم المادي و المعنوي لأفراد أسرته ومساعدتهم بشتى الطرق ، وأنه – في سلم الدرجات – لابد أن يأتي في المرتبة الأخيرة ، وإنما حسِب أن الدنيا تؤخذ غلاباً ، وما دام أنه الأقوى جسداً والأرفع صوتاً والأثبت جناناً – في غالب الأحيان – فليأخذ بسيف السُلطة – أو الحياء- ما خف وزنه من الحقوق وغلا ثمنه ، وعذره في ذلك : أنه الأقوى ، والقائم على أمور أهله ، و(الرجّال) ولا بأس بترك الكثير من ( الفتات ) ذراً للرماد في الأعين.
– عدم فهم طبيعة الزوجة ، كامرأة أولاً ( هل أنصح بقراءة كتاب : الرجال من كوكب ما ، والنساء من الكوكب الآخر ؟) ، وكزوجة بالذات ثانياً ، ومن لا يعرف آلام الحيض والولادة وتعب الحمل فلا يحق له التفوه بكلمة واحدة متذمراً من تعبها . وأعجب حين أسمع رجلاً يشتكي من دلع امرأته ، وقلة صبرها ، وسوء إدارتها للمنزل، في حين تجده ينهار إذا ما أصابته الانفلونزا وربما استأذن من العمل وأقحم بالمنزل في حالة استنفار لرعايته ، كما تجده يتصرف ببعض من الخراقة في كثير من الأوقات وهو في ذلك معذور إذ لم يسبق له الزواج من قبل ، ولكن ما باله يفرق بين حاله وحال زوجته .. هي لم تتزوج من قبل أيضاً فلماذا لا تُعذر .
– التهاون بموضوع الطلاق أحياناً ، فهو لم يتكلف شيئاً ذا بال .. ( والله يخلي البابا ) الذي دفع المهر واستأجر الشقة وفرشها وأبدع ، وأقام حفل الزواج ، أما هو فبطل .. اشترى الشبكة من ماله ! فإذا لم تعجبه في شيء من خُلقها أو خَلقها ، أو سئم منها أو ذهبت الشهوة التي لأجلها أقدم على الارتباط بها ، فما أسهل الطلاق عندئذ ، والمجتمع سيكون في صفه ولا شك ، إذ أن المطلقة هي التي عليها العين وتُنسج ضدها الأساطير ، أما المطلق فمسكين مظلوم ، ولا يعيب الرجل إلا جيبه !
– ولا ننسى أن للأهل نصيباً . فبعض الأهل يحثون ابنهم على الزواج ( لعله يعقل ويركز ) أو لرؤية أحفادهم قبل أن يدركهم الموت ، أو يجبرونهم على الارتباط من بيئة أو عائلة معينة لظروف اجتماعية محددة ولا يراعى في ذلك النظر إلى مدى تحملهم للمسؤولية ، وبعض الشباب يكونون ( أبناء أمهاتهم ) فيتركون الأم تدير أمور بيتها وبيته ، فتتحكم في تربية أولاده وأثاث بيته ، وعلاقته بزوجته وتطالب وتشدد وترغي وتزبد لو خالف ، وينصاع هو لئلا يكون عاقاً ، أو لعله خائف من تحمل المسؤولية الجديدة فيلقيها على عاتق أمه ، ويغفل أن الفتاة إنما تزوجته هو ولم تتزوج أمه ، فيقع الصدع والنفور وتكون الصدمة .
قد يتساءل أحدكم : ألم تشدي الوطأة على الشباب بعض الشيء ؟ ألم تقسي عليهم ؟
فأقول : ربما .. ولكني فعلت ذلك لأنه الجانب الأقوى في هذه الشركة . هو من بيده أن ينفق أو يبخل ، من يمسك أو يطلق ، من يكرم أو يهين ..
وفي كثير من الحالات كما هو مستفيض عند الناس يكون الرجل مسكوناً بقهر الزوجة ، ولعاً بإشباع رغبات غير سوية في ضربها أو إذلالها أو تعذيبها جسدياً ومعنوياً ، ومن هنا نفهم سر توصية النبي صلى الله عليه وسلم : ” اتقوا الله في النساء فإنهن عوان عندكم ” ، فأمر بتقوى الله فيهن وجعلهن بمنزلة الأسير العاني الذي لا يملك لنفسه حولاً ولا قوة .
لا أدعي أني حصرت جميع الأسباب ، وإنما هي – كما ذكرت – محاولة لوضع اليد على الأسباب ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه .
وأرجو أن لا يفهم من تدوينتي أني ألقي باللائمة كاملة على الشباب في موضوع الطلاق .. ليس كذلك ألبتة .. فقط أردت أن أبين أن بعض هذه الأسباب تؤدي – متضافرة مع بعض الأسباب من جهة البنات – إلى الطلاق ، وعلينا جميعاً أن ندرس هذه الظاهرة وننتقدها ، ونبحث عن آثارها في حياتنا كطريق أولي لتفاديها .
0.000000
0.000000
أرسلت فى أمور عائلية وما إلى ذلك | مصنف المرأة, الأخلاق, الأسرة, الحب, بنات | 10 تعليقات
من وجهت نظري الشخصيه هي عدم مقدرة الشباب على احتواء المشاكل العائليه وضعف الشخصيه لدي الشاب وعدم كتم المشاكل الاسريه التى تحصل بين الزوجين والسماح لاطراف اخري بالتدخل في حياتهم 👫
شكرا لك أخي أحمد
فعلا اسباب مقنعة ومعقولة وشائعة للأسف .
رائع يا هنو الله يوفقك ويفتح عليك اﻷسلوب رائع ومناسب للشباب وللموضوع نفسه أسال الله ان ينفع به وإذا وجدتي تفاصيل أكثر أعملي له تكمله يا هنو
شكرا لك يا سوزان ، التكملة عاد هذي مهمة القراء يفيدوني بتعليقاتهم
أحياناً يكون الطلاق حلاً وفرجاً منّ الله به علينا ..
بعض الرِجال قد تتنحى الرجوله أمام أفعاله ، فتكون ( الفكه منه غنيمه ) ..!!
من جد ياخاله هناء .. تدوينه متكامله رائعه ، وكأني أرى قلب الأم الشغوف بين أحرفها 🙂 ..
شكرا لك مشاعل ، ممتنة لكلماتك
هنو كالعاده تدوينه منصفه وغريبه كونها اجتماعيه وربي يوفقك ويجعل من هذه التدوينات نفع لكي ولغيرك
واللهي كلامك خلاني افكر كثييير وخلاني أتأكد ان القرار اللي اتخذته صح
سألت نفسي بعد ماقريت كلامك هو أنا ليش ابغى أتزوج ؟؟ ايش هدفي؟؟
لقيت الحاجة الوحيده اللي ممكن أتزوج عشانها هيا الحاجة الفطرية الطبيعية وموجوده عند كل الناس
غير كذا ماعندي اي استعداد ابداً ابداً لتحمل مسؤولية الزوج والبيت والأسرة والزواج والعمل والأطفال والدوشة دي مالي فيها
مش لأني ما اقدر .. لا اقدر الحمد لله بس يبغالها صبر والمسؤولية متعبة لازم نكون قدها ومستعدين لها
وانا بصراحة مافيني صبر.. ولا ابغى اشقي عمري من بدري
لسى قدامي عمري اهتم في شغلي واطلع اكمل دراستي بعدين افكر في الزواج
عموماً لكل منا اولوياته ناس الزواج عندها أولوية وناس دراستها وناس عملها
اشكرك الصراحة مجهود جبار
عمتووووو هنوووووووا تدونية رائعة وجميلة ومنصفة كونها اجتماعية وتعالج كثير من ظواهرررر المنتشرة في مجتمعنا …… الله يوفقك دنيا واخرة ……. بصراحة انفعتني هذا التدونية خاصة اني مقبلة علي حياة جديدة في المدنية المنورة مع بيتنا ومسؤولية الاخوان وحياة العمل باذان الله ….. ايضا حبيت اضيف نقطة بسيطة انه ايضا الشباب لايقدر حياة العملية للفتاة اذا يبي فتاة تشتغل بيتها احسن ماتكون تشتغل في عملها ….. بصراحة لمي اجد ذلك انظر الي حياتي العلمية الي اخذت من حياتي ووقتي وانظر الي شهادتي فانقهر لاني من النوع الي يجب ينفع الغير من العلم الي تعلمته …… لانجد شباب متفمهين لهذا الموضوع لذلك حبيت اضع هذ النقطة ماادري احد يأيد كلامي ام لاااااااا…..
Great reading your poost