طلاق العجائز
6 سبتمبر 2014 بواسطة هناء
لا أزال أسمع وأرى من قصص طلاق العجائز ما يثير في نفسي عجباً واهتماماً.
ما الذي يدفع زوجين عجوزين ، قضيا زهرة شبابهما معاً إلى الطلاق بعد عشرة امتدت ربع قرن أو أكثر أحياناً ، حين تشتد حاجة كل منهما للآخر، خاصة لو كبر العيال وتزوجوا وغادروا البيت ، أو امتلأ البيت بالأحفاد وقلّت المسؤوليات وطاب جني الثمار ، أو مرِض أحدهما أو كلاهما واحتاج لمزيد من العناية والاهتمام .. كيف يمكن لأحدهما أن يفكر بالطلاق ؟ لن تعود أحاديث منتصف الليل التي لا تحلو إلا بانتظار النوم على الفراش في الحجرة المظلمة ، ولا التمشيات الفجرية في الطرقات الفارغة عقيب هطول الأمطار ، ولا المناكفات الدورية بينهما : هو يناكفها أثناء إعدادها لعشاء ضيوفه ، وهي تناكفه أثناء قيادته للسيارة .. ستتلاشى الأحضان الدافئة التي تملأ القلب سكناً وأمناً وعطفاً ، وكلمات الحب والحنان .. لن يعود للأحفاد جدان يسكنان معاً في بيت واحد ، وسيتهاوى بيت ظلا يبنيانه سنين طويلة بصبر وجلَد ..
ما السبب وإنه لخطب جلل .. فإن كنا نعذر الصغار في طلاقهم لرعونتهم أو قلة تحملهم للمسؤولية أو لعدم توافق الشخصيات والطباع ، أو لخصال سيئة في الطرف الآخر ، فبم عسانا نبرر للكبار ؟
سأذكر هنا أسباباً رأيتها في القصص التي مرت علي ، ولعل من يقرأ يتفطن لنفسه ويحذر .. لن أدعي أنه سبب وحيد، ولكن في كل الحالات التي رأيتها كان مزيج من كل هذه الأسباب أطرافاً في القضية ..
-
أنانية الرجل المفرطة ، والتي ترجع إلى التربية العجيبة التي نربي فيها أطفالنا في مجتمعنا العربي ، حيث أن حاجة النساء للذكور تبقيه مهيمناً ، ولو كان طفلاً لتوه قد تعدى الثالثة عشر وأمكنه قيادة السيارة. نربي ابننا لا شعورياً على أنه مهم جداً ، إذ أن أمورنا لا “تسير” بدونه، فيقوم هو بكافة أمورنا مقابل الكثير من الاحترام والطاعة والخدمة من قبل بناتنا ، وننسى أن نعلمه مبادلة أخته نفس الاحترام والطاعة على الرغم من تبادل المصالح إذ هي من تقوم على إعداد طعامه وملابسه و تنظيف حجرته ، فيترسخ في أذهان الكل أن خدمتها له فرض وواجب ، وخدمته لها فضل ومنة .. فإذا كبرا وتزوجا انتقلت هذه النظرة إلى الأزواج ، فهي من تخدم ، وهو من له القوامة ( ذات المعنى الخديج ) وعليه فقط تأمين مستلزمات الحياة، وقد يكون سخياً في ذلك ( كمحاولة لتعويض ما يشعر به من نقص في عطائه المعنوي) وعلى المرأة أن تحصر حياتها في تنفيذ طلباته من العناية به وبالبيت والرعية ، متجاهلاً حاجاتها النفسية من تحقيق إنجازات خاصة بها ( وفق مرادها هي) و إشعارها بكيانها و احترامها وأنه يضحي من أجلها براحته لإسعادها كما تفعل هي كل يوم .. وتستمر الحياة ، وتمضي الأيام ويكبر الزوجان ، وينفد صبر المرأة دون أن يتغير الرجل الذي لا يزال يعتقد أنها ستفعل أي شيء كما رُبيت من أجله .. فتكون الصدمة غير المتوقعة وتنكسر القارورة ..
-
قد تكون عند أحد الطرفين طباع سيئة وخصال مزعجة حاول الآخر معالجتها ومدافعتها دون جدوى ، قد يكون بخلاً أو شراسة في الأخلاق أو ببساطة : شكلا غير مقبول .. يصبر ، أو تصبر حتى يمل الصبر بعد سنوات عديدة ويطفح الكيل ويبلغ الحد ما لا قبل لهما باحتماله فيحدث الطلاق . قد يرجع السبب في ذلك إلى المبالغة في الرغبة في “إعفاف” أحد الزوجين ، أو المبالغة في تحقيق (إذا أتاكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه ، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) ، وتحقيق ( فاظفر بذات الدين، تربت يداك) ولو كانت ذات الدين لا تلبي “شكلاً” رغبات الزوج ( والعكس صحيح بالتأكيد).. ولو كان ذا الدين بخيلاً قتوراً والمرأة تحب من يكرمها ويهديها ويدللها .. عجباً لكم أيها الأولياء .. ألم تطلب امرأة ثابت بن قيس بن شماس رضي الله عنها الخلع من زوجها الفارس الذي لا تعيب عليه خلقا ولا ديناً إلا أنها كرهت منظره وكان دميماً ؟ ألم يحذر النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة بنت قيس من الزواج بمعاوية لأنه كان صعلوكاً لا مال له ، ومن أبي جهم لأنه كان لا يضع العصا عن عاتقه ( كناية عن كثرة أسفاره أو ضربه للنساء)، وهما صحابيان جليلان لا يُشك في دينهما وأمانتهما .. فلماذا الاستماتة على تزويج “الكفء” دينياً دون تحقيق الكفاءة والرضا التامين عن باقي الصفات ، ثم تكون العاقبة ما نرى ونسمع بعد عقود؟
-
المراهقة المتأخرة : هاهما يرتبطان وينشغلان في مسؤوليات الحياة.. لعلها الوظيفة ، أو الأهل أو الدراسة ، ثم يجيء الأطفال ، وتزيد المسؤوليات ، فيهدران طاقتهما الشبابية في القيام بمتطلبات الحياة ، ولا يعطيان نفسيهما حقها في تحقيق الرغبات والتدليل والإنجازات الخاصة .. ثم يكبر الأطفال ، ويهن الجسم ، ويتزايد الإحساس بقرب انقضاء الحياة دون تحقيق الأشياء المفرحة .. لم يكن الزوج يجد عند زوجته إلا حديثاً عن الأطفال والمسؤوليات ، وهاقد ذهب الأطفال وقلّت المسؤوليات ، فعن أي شيء يتحدثان ، وفيم يتناجيان ؟ عندها تظهر العيوب وتنكشف العورات ويتفاقم الملل وتتزايد الرغبة بالتجديد مع شريك آخر أكثر حيوية ، أكثر شباباً ، أكثر جمالاً .. فكر جديد ، شكل جديد ، حياة جديدة ، فيكون الطلاق هو الحل عند ذلك البائس ..
-
ملء القلب والعين بالصور المحرمة المنتشرة في التلفاز والنت .. روي في السبب الذي دعا إلى طلب امرأة ثابت بن قيس الصحابي الفارس الخلع من زوجها أنها رفعت طرف الخباء يوماً فرأت زوجها مقبلاً في جماعة ، كان هو أشدهم قبحاً وأقصرهم قامة ، فكانت القشة التي قصمت ظهر البعير ، وسارعت للنبي صلى الله عليه وسلم تطلب الخلع إذ أنها لم تعد تطيقه .. هذا وهي نظرة مشروعة لأنها لم تكن مقصودة ، فكيف بما يحدث الآن حين يجتمع الزوجان على مشاهدة البرامج التي تعرض صور النساء الفاتنات والرجال الوسيمين .. وتتتابع الصور على القلب فيتعلق بأهلها ، ويظلم بهذه المعصية وينعكس أثر هذا الإظلام على حياتهما ، إذ مهما بلغت عناية المرأة بنفسها واهتمام الرجل بمنظره فلن يبلغا حد أهل الصور المزينة في الجمال والتنوع وإخفاء العيوب ، ولكن حبك الشيء يعمي ويصم .
-
الزواج الثاني : كفكرة أو كتطبيق .. إصرار بعض الرجال على الزواج الثاني تحقيقاً وإكمالاً للرجولة المزعومة يدفع بهم إلى تكرار الحديث عن هذا الموضوع مع الزوجة. بل إن بعضهم قد وطّن زوجته على هذا الأمر من أيام “المِلكة”!! أي سخافة تلك ؟ لا يقيم أي وزن لمشاعرها ، ويظل يلقم غيرتها الأحجار تلو الأحجار ، فتضطرم النيران في صدرها ، وقد تسيء معاملته بالفعل ، وتبدأ حنظلة البغض تنمو في قلبها ، فإذا أتم زواجه بالفعل خاصة لو تم ذلك بعد سنوات طوال ، فإنه يتصرف معها بعنجهية وصلف، ويذبح “البس في ليلة العرس ” ، ولكن المشكلة أنه يخطئ في البَسّ ! وتكون القاضية .. لعل الرجوع إلى تدوينتيّ رسالتي إلى الزوجة الأولى ، و رسالتي إلى الزوج المعدد تفيد كثيراً هنا ..
-
يبوسة الدماغ : هو : سي السيد ، الحاكم بأمره ، الطاغية الجبار ، وهي المرأة المغلوب على أمرها ( مع تفاوت النساء في درجة “الغلبنة”) .. عوّدها منذ بداية زواجهما على قوانينه الحمورابية : لا خروج في الأوقات الفلانية ، لا تأخر عن الأوقات الفلانية ، لا استقبال مكالمات أو ضيوف في الأوقات الفلانية، ممنوع تناول أطعمة معينة حفاظاً على رشاقة جسمها ، زيارة الأهل في أوقات معينة ، ممنوع هذا ، وممنوع ذاك .. وهي صغيرة في السن ، وهو أول زوج في حياتها وتعلق قلبها به .. وتمضي السنون ويكبران ، وتصير جدة، وتهفو نفسها المثقلة بالسنين إلى الحصول على بعض المساحة الواسعة لتتحرك فيها وتنال من بعض المتع ما حُرمت منه في شبابها ، وقد تتمتع بناتها وحفيداتها بكمية كبيرة من الحرية لا تكاد تحلم بها .. تحادثه مراراً ولكنه يرفض بعناد وطفولية .. ليس للمرونة مكاناً في قاموس حياته إلا لماماً .. يحسب أنه اشتراها بمهره ، أو ملك رقبتها بحديث (فإنه جنتك ونارك) ، ونسي أن ( خيركم خيركم لأهله) .. وبعد سنين .. تنتهي الحياة .. وهنا أجزم أنه غالبا ما يكون هو الخاسر الأكبر ..
ولئلا أُتهم بالانحياز إلى جنس النساء ( وإن كنت لا أنفيه بإطلاق ) ، فأرجو مراجعة تدوينتّي لماذا تتطلق الفتيات ، و لماذا يطلق الشباب ، إذ فيهما إكمال لكثير من جوانب النقص في هذه التدوينة ..
الحياة الزوجية سكن ورحمة وآية من آيات الله .. لا تضيعوها بخراقتكم .. أرجوكم ..
أرسلت فى Uncategorized, أمور عائلية وما إلى ذلك | مصنف مهارات, المرأة, الأبناء, الأسرة, الزواج, السعادة, الطلاق | 9 تعليقات
أصلا قدرة الأنسان تختلف مع تقدم السن خلاص يصير مايقدر يتحمل زي زمان وهو أصغر عشان كده لازم نتحمل بعض لمن نكبر وووووووووووووأهنيكي ياأستاذه هنا علي الموضوع رائع وطريقة طرحه أروع
اتوقع زوجي طلاقه كان رقم 2 مع فرق ان السبب بس هو استحمل عشان الاولاد، وخلفة ورا خلفة ضاعت ايامه،
تدوينة رائعة… استمري،،،
دائماً حينما يكون المقال لـ ( أنثى ) يتم تصوير الرجل كشخص اناني مخادع ..
مشكلة النساء عدم الإعتراف بالخطأ والتقصير الذي قد يحدث منهن ..
أتمنى مزيداً من الحياد لكي نستفيد ونتعلم مما نقرأ ..
مقال جميل لكن خالي من الواقعية للاسف!
القاء اللوم على الرجل في كل مشكلة اصبح عادة لا تحتمل
مشكلة اغلب النساء انهم يقيسون الصح من الخطاء بمقياسهم لذلك من النادر ان تحس الفتاة بالتقصير او الغلط
انا شفت ناس اعرفهم اتطلقوا على كبر لأنه احد الأسباب الرئيسيه كان انه المرأه او الرجل مو متحملين بعض في بعض الطباع او التصرفات السلوكيه فيكون الوضع انهم يتحملوا بعض لغايه مايكبروا الاولاد ويعتمدوا على نفسهم او يتزوجوا وقتها يسير الانفصال..
أو إنه الزوجه خلاص ماعد تهتم بنفسها على اساس انها كبرت والرجل لسه يبا يحس بأنوثتها فيدور وحده ثانيه فإما تتقبل وإما تنفصل ..غير الاسباب اللي ذكرتيها والموضوع مايقتصر على طرف واحد
السيناريوهات المتكررة:
– فكرة الطلاق موجودة من بدايات الزواج ولكن تم تحمل الوضع حتى لا تتشتت الاسرة ويضيع الاولاد
– يكون الزوج او كلاهما قد وصلا لمرحلة التقاعد من العمل وتزويج الاولاد فيظن او يظنان ان الوقت المفيد والمنتج من حياتهما قد انتهى والان لابد من التكاسل والبحث عن الراحة والتحرر من المسؤوليات فتزيد المشاكل
– مع الكبر واحيانا المرض وفي بعض الحالات يكون الملل بين الزوجين قد وصل لحالاته القصوى فتجد قلة الصبر والغضب السريع بينهما وفي بعض الحالات يفكر الزوج بالزواج من اخرى
واقع أعايشه
بابا حيطلق ماما بعد ماقضو مع بعض 25 سنه
اعتقد ان السبب الأول لطلاق العجائز هو أنانية الرجل، وهو في الحقيقة سبب كثير من المشكلات الأسرية، الرجل حين يطلق لا ينظر الا لمصلحته هو فقط، وهذا قمة الأنانية، فلا يفكر بأسرته بل يفكر كيف يرتاح هو .
والسبب الثاني الذي نهتم به هو المراهقة المتأخرة، وهي سبب واسع الانتشار حتى لو أنكر الرجال ذلك ولم يعترفوا به، فكثير منهم يعتقد أنه فاته العمر وراحت عليه وهو في طلبات الأسرة ولم يعمل شيء لنفسه، فأسهل طريق تجديد الزوجة وتجديد الحياة بهذا والتخلص من المسؤوليات.
وسبب مهم أيضا في طلاق العجائز الذي يزيد الطين بلة : الإعلام والفضاء الانترنت وما يتاح فيه من محرمات.وسهولة تواصل مع عشيقات الكترونيات أو حقيقيات فبعد أن يكون الرجل (مات ) لحتى يتزوج زوجته بتصير في عينه بعد انجاب الأطفال ورعاية البيت أم عياله وامرأة عادية بينما هو يريدها امرأة للسرير فقط.وهذا غير واقعي في الحياة، فإن كان الرجال يريدون الجميلات اللاتي يشبهون الممثلات المتفرغات للتجمل والزينة فاذهبوا وتزوجوهن ايها الرجال، اما إن كان الرجل يريد زوجة وأم وربة بيت فالوضع يختلف
وعليه ان لا يكون أناني ويساعد زوجته كي تقوم بمهماتها:زوجة وأم وربة بيت.لا أن يترك كل شيء على كتفها ثم يقول لها أهملتي نفسكي وأريد امرأة تهتم فيني وفي جمالها.
بصراحة الحياة متعبة مع الرجال، كل ما نعمله من أجلهم وكل الحب والإخلاص ورعاية الأبناء والأهل والأسرة ..إلا أنهم وفي النهاية الغدر طبعهم. مع الاحترام للرجال الأوفياء الذين لا تخلو منهم الأرض.
احسنتى