دبور أو بسة ؟
12 ديسمبر 2011 بواسطة هناء
ما رأيكم في الاستماع لبعض الهذيان اليوم ؟
تدوينة اليوم فيها بعض من مرح ، ومموهة بشيء من الكآبة الهنائية المعتادة ؟
فيها قبس من خواطر وذكريات وتأملات ( حكيمة ) ، فقط من باب التغيير في قراءة ما لا ينفع .
رجعت قبل قليل من ( بلاد اليماني ) .
لمن لا يعرف ، بلاد اليماني ليس كقولنا بلاد الواقواق ، أو بلاد عربستان ، وإنما لفظة بلاد تطلق في المدينة المنورة على المزارع الخاصة .
كانت أمسية جميلة وباردة قضيتها في بلاد اليماني مع مجموعة من الصديقات العزيزات ، تحيط بنا الشجيرات على شكل سور يحجزنا عن أعين الفضوليين بالخارج ..
رائحة العشب تملأ المكان ، صوت أزيز الحشرات هنا وهناك ، والقمر المكتمل يطل علينا بحنان .
صورة رومانسية حالمة ، لولا القطط التي كانت تدفع بعض الفتيات الجالسات بوداعة إلى الصراخ المفاجئ ، فتلتفت إليهن الأمهات بانزعاج ، لأقول لهن بلا مبالاة :عادي عادي ، يا دبور ، يا بسة.
والدبور عادة يأتي في المدارس صباحاً ، إذاً سبب جلبة اليوم : بسة !
دعوني أقول لكم شيئاً عن نفسي .
أحب صديقاتي جداً ، وآنس بجلوسي معهن ، ولكني بعد تقدمي في السن وإصابتي بالسرطان صرت أمْيَل إلى أن أكون ذات طباع عجائزية نوعاً ما ..
صرت ( أنْدوِش ) إذا ما كان المكان مزدحماً بالناس!
فتراني صامتة لفترات طويلة ، لا أتكلم إلا إذا وُجه إليّ الحديث ، وأكتفي بالسماع .
أحياناً يأخذني خيالي بعيداً لرؤية مشهد أمامي أو سماع كلمة ، فأكون حاضرة بجسدي وعيناي تتابعان الحدث، لكن ذهني يبدأ بالسرحان .
الجلسة اليوم كانت على شرف صديقتنا أم عبد الله التي قدمت من كندا مؤخراً في إجازة مع ابنتها التي تدرس الماجستير هناك .
عند التلاقي كان ثم الكثير من الأحضان والقبلات ، وربما بعض الدموع .
هذه مجموعة من الصديقات اللاتي حصلن معاً على السند من الشيخ إبراهيم الأخضر أحد أئمة الحرم السابقين .
أنظر إليهن وهن يتعانقن بود ومحبة: كم من الذكريات جمعتهن ، وكم من المواقف أضحكتهن معاً وأبكتهن؟
الذكريات السعيدة ..
أحياناً في جو كهذا الجو الرومانسي تشعر أن الذكريات السعيدة تكون عبئاً عليك لأنها لا تعود .
بعد ولادتي لابنتي لطيفة ، كنت أقضي فترة النقاهة عند أمي ، وكانت تستضيف خالتيّ القادمتين من المنطقة الشرقية .
في يوم زارنا خالي الأكبر – رحمه الله – وقد ناهز الثمانين ليزورني ويسلم على أخواته الثلاث .
لا أنسى نظرته وهو يدير بصره في وجوههن ، ووجهه يتهلل بفرح .
لم يتكلم .. ولكنه ترك العنان لفيض مشاعر في التعبير .
ثم نظر إليّ وقال : أذكر هؤلاء حين كنّ صغاراً ، ذوات ضفائر .
ترى هل رأى الذكريات في قسماتهن ؟
هل استعاد رائحة عطف الأم وشموخ الأب ؟
هل تناهت إلى أسماعه الضحكات وصوت السواني وخرير المياه ؟
وهاهو الآن ينظر إلى نسوة ثلاث ، غطى الشعر الأبيض رؤوسهن ، وعلت التجاعيد وجوههن المتعبة .
سبحان الله .. كن صغاراً ذات يوم !
والآن ، تفعل أمي معي ذات الشيء .
تتأملني طويلاً .. وكثيراً ما تصطدم نظراتي بها فأجدها تنظر إلي .
وأفكر ، لعلها تحب أن تملأ عينيها من ناظري كما أفعل بشمسي .
نعم ، لا شك .. فأنا الصغرى عند أمي ، كشمس عندي .
وبعد إصابتي بالسرطان ، زاد هذا الأمر جداً .
وكأنها تقلب في ذهنها ذكريات مضت حينما كنت صغيرة ، لا أزال أختبئ تحت جناحها .
حين كنت دلوعة الدار ، أجري هنا وهناك وطلباتي أوامر لا ترد ، ولا عجب فأنا البنت الوحيدة والصغرى .
كأني أسمعها تقول في ذهنها : بنتي ، حبة قلبي عندها سرطان ؟
لا يحتاج أن أصف لكم كم هو مرعب مرض السرطان .
يخيل إلي أن من أصيب به فإنه يشعر أنه بمثابة حكم عليه بالإعدام .
إذا قلت : فلان عنده سرطان فإنك تنتج شعوراً يقارب الشعور الناتج عن قولك : فلان يحتضر !
لا ، لن تستدرجوني لأتكلم بعض الشيء عن سرطاني ، فدونكم التدوينات السابقة والتي يمكنكم أن تجدوها تحت تصنيف ( ذكريات بطعم السرطان ) .
ولكن الذكريات في كثير من الأحيان تكون عبئاً ثقيلاً .
حين تفتقدها بشدة ولا تملك لها رجوعاً .
تشعر بها كيد حديدية تعتصر قلبك .
أوف ، ما هذا الحزن اليوم ؟
هل لاحظتم أن تدويناتي الأخيرة قد علتها صبغة كآبية ؟
لا أعرف ما السبب .
وهذا أمر مناف لشخصيتي الحقيقية تماماً .
ولكن يبدو أن الأمر كما أقول دائماً : أن النفس البشرية غالباً تميل إلى الحزن وهذا ما يفسر سر النجاحات الهائلة للقصص التراجيدية ، وتفوقها على القصص الكوميدية .
ولكني لعلي أفرحكم بشيء .
عندما نظرت إلى وجه القمر ، ورأيت استدارته وجماله وتمام نوره ، تذكرت الجنة .
وتذكرت الجملة التي لا أسأم من ترديدها ، خاصة إذا تكالبت عليّ الغموم : في الجنة تتحقق كل الأمنيات .. كل الأمنيات !
نعم هناك تستعاد الذكريات السعيدة ، وتشعر بنشوتها ، حقيقية هذه المرة .
هناك أجمع أفراد عائلتي لأتذاكر معهم المواقف والقفشات .
هناك أستمتع بقد مياس ، وأستعيد ما فقدته من أعضاء في عملية استئصال السرطان .
هناك أتيه خيلاء بشعر كثيف أسود وحواجب مرسومة بإتقان .
أتمدد على السرر المرفوعة وأتجاذب مع صديقاتي الحديث ، هذه المرة دون أن ( أندوش ) ولا يصيبني النعاس .
كل ذلك في الجنة ، حيث تتحقق الأمنيات .
استيقظت من خيالاتي على صراخ جديد وقطة أخرى تجري فزعة لا تلوي على شيء ..
فهززت كتفي بلا مبالاة وقلت : عادي عادي ، يا دبور ، يا بسة !
0.000000
0.000000
أرسلت فى من هنا وهناك, خواطر ، | مصنف الأبناء, الأسرة, البكاء, الحزن, السرطان, خواطر | 23 تعليق
آه يا عمتي الجبيبة مبدعة كالعادة ماشالله عليكي..
على فكرة انا شكلي طبعي كدة عجايزي على طول ههههههه اندوش بسرعة وما احب الزحمة واسرح بخيالي في الجمعات .
وحكاية الذكريات السعيدة اللي تحزن هادي مأساة ! الصراحة المرة الاخيرة اللي حسيت بيها بقوة لمن شفت افلام فيديو للوجي وهية اقل من سنة قعدت ابكي بكا.. حسيت انها انسانة تانية راحت و ما حترجع ووحشتني مرة كان نفسي احضنها. للاسف انا كتير من الاحيان الذكريات الحلوة تجيبلي الاكآبة. وللا بلاش اظلم الذكريات انا عندي كآبة من غير شي هههههه
الله يعطيكي العافية ويعوضك ويعوض كل مؤمن عن كل شي في الجنة يا رب
آآآآآآه يا ريم
حكاية تغير الأولاد حاجة ثانية تماما
شيء يعور القلب من جد ، ولكن عزاؤنا أن في الجنة تتحقق الأمنيات
تدوينتك هذه هزت مشاعري، الحمدلله يا أبلة هناء على الصحة والعافية مع وجودنا بين الأهل والأحباب.
بنت خالتي مصابة بالسرطان، ولسه صغيرة في السن، الله يرفع عنها ويشفيها دائما قلبنا يتقطع عليها.
وان شاء الله لي رجوع لأقرأ تدويناتك ( ذكريات بطعم السرطان).
الله يشفيها ويرفع عنها ويجمع لها بين الأجر والعافية
أسعدني مرورك يا نجلاء
تأملات جميلة ورائعة وإن كانت ذا صبغه حزينة .أعتقد أن لفصل الشتاء سمة تحيل الكآبه إلينا ككآبته البارده.لكن في الحزن أو الكآبة تخرج أصدق العبارات نابعه من صميم القلب فتصل إلى القلوب بسلاسه .دمتي كاتبة رائعه
ملاك ، فعلا لعل الشتاء يناسبه الحزن والكآبة ليكتسب الصيغةالرومانسية ، ولابأس بكوب من القهوة العطرة تبعث ببعض الدفء في العظام ..
يا سلاااااااااااااااااااااام على هيك صورة .
دمت ناقدة جيدة
اشهد الله اني احببتك فيه واسئل الله الكريم رب العرش العظيم ان يتم عليك الشفاء والعافيه
اللهم بلغني جنات النعيم انا ومن احببته فيك
اجعلنا علي سرر متقابلين
واشفي كل مريض
وصبر اختي ناديه واجعل مرضها كفاره لها
ولا تجعله فتنه وييسر لها العلاج وقويها بقوتك
وصبر ماما وبابا واجبر بخاطرهم ويشوفها في تمام العافيه
أحبك الله الذي أحببتني فيه ، وأسأل الله أن يعافي أختك ويجمع لها بين الأجر والعافية ويجعله كفارة لها
ماشاءالله جميل كلامك وحقيقي ولكن الله وعدنا بجنات النعيم وان شاءالله نجتمع هناك علي سرر متقابلين
أبلة وداد : اللهم آمين أنا وأنت وجميع من نحب
هنو يا عسل بطعم العسل انا اعتقد انك بحاجه ماسه لزياره الى جده وحبذا لو كانت عندكم في غرفتنا الخاصه وليكن العشاء مشاوي على ذوق سوزان وختام العشاء حكمه من عفاف بان الحمار لابد من علفه وكده كدا ثم لكي ان تتخيلي الضحك والقهقه على عدم مناسبة الكلام للموقف خاصة ان الاكل لازال في فمك وفمي لم نبتلعه بعد. ما اجمل لحظات المرح والضحك مع من نحب
احبك في الله
خخخخ ، ذكرتيني يا سلوى بالذي مضى . الحمد لله الذي رد علي عافيتي وأحياني بعدما أماتني وإليه النشور .
لابد أن اكتب عن هذه الحادثة إن شا الله
أكثر من رائع. ولو كان هذا هو الهذيان، فأنا مستعدة لسماعه كل يوم …
سعيدة لمرورك لولو
إحببتها، أحببت هذه التدوينة و إن كان طعمها مرا قليلا لكنه يحلو حينا و يعود مرا حينا.. كذكرياتنا تماما.. هذيانك إبدااااااع 😉
شكرا لانا 🙂
اكثر مايعجبني في كتاباتك انها تشد قارئها ليندمج مع أحداثها
مرحباً بك دائما 🙂
وتبقى الذكريات حبيسة بداخلنا
سواء كانت حلوه ام مره
ومهما حاولنا ان نتناساها فلا بد ان تزورنا من الحين للأخر
لمسات حساسة الى أبعد الحدود
جعلتينا نشعر بنبض كل كلمة
كلمات رائعة .. سلمت يداك وسلم قلمك
جزيت الجنة ومرافقة الحبيب صلى الله عليه وسلم
إلهيَ عندمآ تنتهي حيآتي إجعل كل من مر ب حيآتي يشعّروَن بأننيُ
گنَت جزء طيباً وْ نآدراً في حيآتهمّ . .
طالبتك مرت من هناا *~*
أظن أننا تعدينا تلك النظرة
التي ترى السرطان ع أنه كابوس أو حكم بالإعدام
،
هذا المرض بحاجة إلى صبر وإيمان
وكثيرون تغلبوا عليه،
شفاك الله
نعم لكتاباتكِ مذاقا خاصا ياهنوتي
أحبها جدا وتبعث بداخلي التفاؤل والأمل كما إنتِ يااخية
دمت لاحبأبكِ سالمة
طلب أخير
هل لي أن أتواصل معكِ لكن لأأعرف كيف
تسلمي يا أمولة
جزاك الله خيرا
إيميلي
beat_cancer@hotmail.com
هنوتي يأعسل
سمعت إنو عندكِ اختبار بالجامعة
هل إنتِ قسم شريعة
أي سؤال أنا حاضرة ياغناااتي. سواء في البحوث أو المواد
لله درها تلك الأيام كم إشتقت لها