متع مبهجات : رمضان زمان
3 جويلية 2011 بواسطة هناء
بدأ العد التنازلي لوصول شهر رمضان ..
الحبيب المرتقب ، الذي يحل علينا ونحن في أوج حاجتنا إليه ، ويرحل عنا ونحن لا نزال نتمسك به ونريده ، وهذا من أسرار مكانته العظمى في قلوبنا : التغلي !!
شوفوا ..
لن أتكلم عن روحانيات رمضان لأن ليس من منهجي إلقاء محاضرات في مدونتي ، وإنما هي خواطر وبعض الهراءات التي أجد فيها نوع من المتعة لتذكرها واستطعام طعومها في حلقي ، ولعل كثيراً منكم يشاركني هذه المتع .
اقترب شهر رمضان ، وبدأت الذكريات والخيالات بالتزاحم عل عقلي..
هناك أشياء معينة مرتبطة برمضان لا تكاد تجدها إلا فيه .
في ذهني أنا هناك ومضات رمضانية تنتمي إلى زمن الطفولة لا أزال أذكرها بحذافيرها رغم تقادم الزمان.
تبدو في عقلي كصور بالأبيض والأسود ..
ولكن من يخالفني في أن صور الأبيض والأسود هي الأجمل على الإطلاق ، خاصة ولو كانت مقضومة الأطراف وتحمل في أركانها عبق الماضي وعبيره ، حينما كنا صغاراً .
أحب أن أقوم بعملية تنشيط الذاكرة في استجلاب مثل هذه الذكريات ، فبعد الكيماوي يُعد ذلك عملية هامة جداً .
في رمضان الطفولة كنا نستيقظ بعد الظهر بقليل لنصلي ونقرأ شيئاً من القرآن ثم نمضي فترة العصر في مشاهدة برامج الأطفال الرمضانية : جراندايزر و الدوق فليت ، شركان شركون ( الي له أربع عيون ، لخزّك ، وتقول له : ممنون ممنون ) ، و( أقشر أقيشر يبي مصباحه ، راح وتعنى لقى تفاحة ) في حين تتعالى رائحة شوربة الكويكر والتي كانت أمي قلما تصنعها إلا في رمضان ، فأصبحت معروفة عندنا باسم : شوربة رمضان .
في رمضان الطفولة كانت رائحة السمبوسك واللقيمات تطيش عقولنا قرب المغرب حين يبلغ منا الجوع والعطش مبلغه ، فنصبح بالفعل مثل ( توم القط ) حين يسيل لعابه على صدره إذا ما رأى طعاماً شهياً ..
كانت أمي تعد السمبوسك عصراً ( وللعلم فإن هناك أكلة هندية تماثلها تدعى samosa وتحشى بالخضار المفلفلة ، ولا أعلم أهي أصل السمبوسك التي نعرفها أم أنها شبيهتها فقط ) وكنت أساعدها بطريقتي الخاصة : أرص حبات السمبوسك في الصينية ، وأناولها ما تحتاجه من الأدوات ، وآكل اللحم المفروم كلما غفلت عيناها عني !!
وكانت أمي تحب الاستماع إلى الإذاعة أثناء إعداد وجبة الإفطار ، وكان يبث فيها في ذلك الوقت من اليوم البرنامج الاجتماعي الفكاهي ” عباس وعباسية ” فأظل أستمع له بشغف وأغفل عما تطلبه مني أمي .
وأحياناً كان أبي رحمه الله يفاجئني برحلة إلى ( البلد ) لشراء الفول ..
حسناً .. لا أريد أن أبدو مبالِغة للضرورة النثرية ، وفي الحقيقة أن هذا الأمر حدث فيما تعترف به ذاكرتي مرة واحدة فقط .
ذهبت إلى ( البلد ) وهناك كان الانبهار التام ..
روائح اللقيمات والسمبوسك تختلط مع رائحة عوادم السيارات ، الحلاوة اللوزية والحمصية الملونة معروضة بشكل يغري قلوب الأطفال الصغار على شاكلتي ، البسطات التي تبيع المأكولات الشعبية المختلفة ، جرار الفول الساخن بالسمن البري ، ودكاكين الشريك ..
في رمضان الطفولةكانت تعرض الفوازير التي كنت أشترك فيها سنوياً ولم أفز فيها قط ، ولا أدري هل هذا لأن حظي كان يخونني ، أو لأني لم أكن أرسل الإجابات أصلاً .
فوازير رمضان الطاهرة البريئة ، البعيدة عن الإسفاف والمجون الذي نراه في الفوازير الحديثة ..
فوازير رمضان التي تكاد تكون قمة في السذاجة إذا ما قورنت بما يُعرض الآن في ( شهر الخير ).
هل من قرائي من هو من جيل : ( شي مدور فيه حب أحمر يطلع إيه ؟ رمانة رمانة ) ؟
جيل الفساتين المنفوشة زاهية الألوان وحركات اليد التي لا تكاد تختلف في جميع الأناشيد : الأصبع الذي ينزلق طولياً على الخد ( دلالة على جمال الشيء ) ، واليد التي تنفتح يمنة أو يسرة ( دلالة على : هنا وهناك ) ، واليدان اللتان تنفتحان معاً ( للدلالة على اتساع العالم ) !!
في بيتنا كان نظام الإفطار كالتالي : تناول الماء المبخر بالمستكة و التمر فقط قبل أداء صلاة المغرب جماعة مع أبي رحمة الله عليه ، ثم مشاهدة برنامج محمد علي الطنطاوي ..
وعلى الرغم من حبي لهذا البرنامج لعفوية الشيخ المحببة إلا أن الأصوات التي كانت تصدر من بطني الصغيرة تمنع ذهني في كثير من الأحيان من متابعة ما يقول ..
وأظل أتململ وأقطع الوقت ذهاباً وإياباً إلى المطبخ للتأكد من عدد حبات السمبوسك ومقدار الشوربة وعصير قمر الدين وسلامة كؤوس الكسترد والجيلي في الثلاجة .
وفي المساء كانت أصوات الأئمة في قراءة التراويح تتعالى في الأجواء لتبث الرهبة في القلوب ، ويالها من روحانية .
لكن يغفر الله لنا ، كنا نمضي هذه الأوقات أمام جهاز الكمبيوتر ( الأتاري وقتئذ ) أو العروض السخية من البرامج الرمضانية ( المخصوصة لشهر الخير ) ..
فإذا ما حل الليل الموغل في ( الليلية والوقت المتأخر ) أصدرت أمي أوامرها بالخلود للنوم ..
طبعا كان ذلك في السن الذي كنا لا نزال ننصاع فيه للأوامر ، وأما حين راهقنا ، فقد نفضت أمي يدها عنا وصارت تتركنا لتنام هي مع الوعيد الشديد ألا نصدر أصواتاً تزعجها في نومها الخفيف ، فقط لنمضي الوقت في أشياء أكثر إثارة : المزيد من اللعب بالأتاري ، ومشاهدة المزيد من البرامج الرمضانية والتي اقتصرت في بيتنا على برامج القناة السعودية الأولى نظراً للطف الله بنا وعدم قدرتنا على استقبال القنوات المصرية التي كان يستقبلها عامة أهل جدة في ذلك الوقت بواسطة المستقبلات المقوية .
وقبل الفجر بساعة كانت أمي توقظنا لتناول طعام السحور ، والذي كان يعد بمثابة الغداء في الأيام العادية : رز وإيدام وسلطة وما إلى ذلك ..
حتى اليوم لا أعرف كيف كنا نستطيع تناول طعاماً دسماً فور الاستيقاظ من النوم .
ولكني أعتقد أن سن الطفولة والشباب يفعل الكثير من الأعاجيب .
يكفي أنه يفلح في تحسين أي ذكرى أو أكلة أو أو مناسبة .
هل لي أن أطمع في أن تكتبوا لي تعليقاتكم عن رمضان زمان بالنسبة لكم ؟
0.000000
0.000000
أرسلت فى متع مبهجات | مصنف متع, هراءات, الأسرة, خواطر | 8 تعليقات
ههههههههههه …. مررررة خطيرة يا عمة .. صراحة تجوع الواحد من كوتور وصفيك الخطير للأكل ما شألله
بس أهم شي (مقضومة ) خخخخخ على قولت بياخة : مقضومة ولا مو مقضومة الوندوز أحسن
خخخخخخ سماجة تايم .. بس مشي حاليك دوبي صاحية من النوم
وزي ماتعرفي مني كبيرة بالحيل عشان يكون عندي حكاوي كتير عن رمضان
بس حأقول شي ولا تزعلي : زمان زمان زمان (خخخخ ) لمن كان ولد خلي يجي ينبع في رمضان
كان هوا إلي يسوس التانق كوونت مرة أشتهي لمن يقلبوو
وكول ماأسأل ماما متآآ حنشربو تقولي بعد شوية قصدها لمن يأدن المغرب
وإحنا لسع في العصور خخخخ .. وياحرام أنا على نياتي ما أدري خخخخخ
لمن الواحد يكون بزرة يلعبو الكبار على راسو بكوول سهولة ماشألله خخخخخخ
رمضان زمان ؟ بالنسبة لسنين العمري الإحدى و العشرين و نصف !! يعني قبل عشر سنوات تقريبا !
رمضاني هو جزء من رمضانك حيث عصرية المطبخ و فرد السمبوسك وإعداد الشربة و العشاء كما هي الطريقة الخلاوية السيئة في الفطور حينئذ ، تداعب أصواتنا قراءة الشيخ محمد أيوب و نداءاتك المتكررة علي أو على سهل و خالد لتعبئة جكوك الماء و الثالة للفيمتو و رابع لقمر الدين إن هبقنا !!
لحظة لحظة .. نسيت أن أخبرك أن فترة العصر يسبقها بساعة ؛ عودتي من المدرسة و لطعة تحت الشمس عندما كنا ندرس من التاسعة صباحا حتى الثانية و النصف ظهرا !
حسنا نعود للمطبخ ، سأعترف أني كنت أغافلك بالأكل من طست العجين النيئ المعد للسمبوسك ، أو أخبئه في جيبي لألعب به فيما بعد ! و أنتظر التفاتك لأخطف بضع حبات من مكرونة ” بيني ” المسلوقة التي تنتظرك لإعداد صينية البشاميل .
ثم نخرج قبل الأذان بساعة لنقرئ القرآن و تعتبي على سهل تسمّره أمام نينتيندو ٦٤ و نضحك منه أن قرأ في ربع ساعة من سورة آل عمران حتى سورة يوسف !! بقدرة قادر .
سأعود لاحقا لأذكرك ببقية الأحداث التي تبتدي من المغرب و عن طقوسنا في السحور .
تدوينة جميلة يا أمي ❤
يالهذا الجمال ياحبيبتنا هناااااااااااء:)
رمضان أقبل والروح في اشتياااق
حقا متع مبهجاااااات 🙂
رمضاني تقريبا = شقاوة فاطم نوعا ما 🙂 🙂
لكنني قضيته هناك بين قلب جدي رحمه الله وجدتي رعاها الله لنا وأمد في عمرها بطاعته..
فكان قبيل المغرب يذهب للمسجد حتى يأدن وكنت أبكي أريد أن يفطر معي وكان يسكتني
بوعده لي إنه سيشاركنا ولن يتأخر..
وكنت قبيل الفجر نسوي حالة استنفار بالبيت حتى الكل يقوم يصلي
وخالتي الي سموها بعد كده الست مكرفون=نظرا لعلو صوتها ماشاء الله هي المنبه والساعة للعيلة الكريمة
وأحيانا أذهب مع خالاتي في ساعات متأخرة من الليل للننعم بروحانية الحرم وحلقات الذكر آنذاك..
أدام الله قلمكِ ياغالية..
لاخلى ولاعدم
كم أحبكِ في الله !!!
ريحانة
أمتعتني ذكرياتك الموغلة في الاختصار ولكم تمنيت لو أطلت قليلاً فأنا أحب أن أقرأ لكم كما تحيون أن تقرؤوا لي .
لوطالعت كلماتي هذه فليتك تسعديني بالمزيد من الذكريات لعلي أنهل منها نفس رحيق السعادة الذي نهلت منه.
ايام رمضان في السابق حقاً مختلفة و بالذات قبل ان يتزوج إخواني و أخواتي و بما أني اصغرهم كنت ساعي البقالة و الطلبات . من ذكرياتي عن رمضان يبدأ عندما استيقظ قريب الظهر كانت هناك حلقة قران مصغرة بقيادة أختي الكبيرة يا ويل اللى ما يجلس يقرا الى الظهر بعد ذلك الكل ينتشر في البيت ، العصر اروح البقالة أجيب كزبرة ( كرهت الكزبرة ) و رقاق طبعا ليس دائماً و بعدين ” استصلقح” قدام التلفزيون الى قريب المغرب كنت أتفرج برنامج من تقديم ماجد الشبل الى ان أشم رائحة المستكة و القهوة في نفس الوقت عندما يأذن المغرب نفكر ماء زمزم في الأكواب المبخرة و التمر المحشو لوز او ملبس سمسم و قهوة … نصلي المغرب في المسجد .. نرجع نكمل شربة الحب و السمبوسة و نختم بحلى و اكمل صلقحة قدام التلفزيون … اذا إذن العشاء بالنسبة لي وقت الفلة كنا تجتمع و نولع طراطيع و نلعب طائرة … احيانا نولع سلك النحاس اذا مافي طراطيع
الله ، ما أجمل ذكرياتك .. تلاقيك كل ما شميت رائحى المستكة والقهوة تتذكر رمضان .
أشكر لك مرورك
ياريت كل الأيام رمضان بالمحبة وصفاء النفس الناس تتجمع ..
تمنيت ان لا تنتهي هذه الذكريات لأعيش معها اطول وقت ممكن ما أجمل تلك الايام
لاعجب ان دمعت لها العين كلما سبحت بافكاري فيها وخرجت من هذا الواقع الذي تغير كثيرا عن كل تلك الحقبة الزمنية .. زمن ” الطيبين ”
فعلا هم طيبون صلحت نواياهم فصلح حالهم وكانوا سعداء رغم ضعف المستوى الاقتصادي
اعادتني الذكريات لرمضان بشكل خاص فتظهر فيه عادات اهل جدة وحايتهم بشكل جميل ..كل ماحولك يقول لك : انت في شهر الخير انت في رمضان .
بشل مفاجئ تتغير اصناف الاطعمة والمشروبات..واستقبال اطباق الجيران وارسال اخرى اليهم .. يحلى السهر والالعاب النارية وطاولة الفرفيرة وعربية البليلة ….الخ كان يخرج بنا والدي رحمه الله انا واخي بعد صلاة التراويح الى شارع قابل وسوق الندى “حيث كان عمله” لكي لا ننام في الاسبوع الاول من رمضان فنسهر مع العائلة وننام معهم .
اما شغلة الاريل في السطوح فهي قضية بحد ذاتها من ناحية التوجية وسرقة غطاء القدر لتحسين استقبال تلفزيون مصر .. لنجتمع كلنا امام التلفزيون .
تمنيت ان لاتنتهي هذه الذكريات
لكي مني الشكر والتقدير