زيارتي لمهرجان أيتامنا
11 فيفري 2013 بواسطة هناء
في يوم الأربعاء 25 ربيع الأول لعام 1434 أقيم مهرجان أيتامنا الخيري الترفيهي العاشر في ملاعب الكعكي بمدينة جدة ، واستمر حتى الجمعة 27 ربيع الأول .
كانت المرة الأولى التي أسمع فيها عن هذا المهرجان حينما ذهبت في زيارة إلى فرع جدة لمؤسسة أيتام محافظة الطائف وقابلت مديرة الفرع الأستاذة حنان النويصر والتي كانت زميلة دراسة في مدرستي الجميلة دار الحنان .
أخذتني في جولة سريعة لأرى استعداداتهم للمهرجان ، وشد انتباهي الترتيب وتنوع الفعاليات وحمستني جداً لزيارة المهرجان مع ابنتيّ . ما أكد لي هذه الرغبة دعوة الأستاذة حنان الكريمة لإلقاء كلمة عن قصتي مع سرطان الثدي ثم توقيع كتابي .
وصلت يوم الأربعاء قادمة من المدينة مباشرة , فراعني الزحام الشديد قريباً من البوابة .. الشارع ضيق ولا يوجد من ينظم حركة المرور الخانقة إلا رجلي أمن مغلوب على أمرهما ، وما عدا ذلك فلسان حال كل سائق : أنا ومن بعدي الطوفان.
أكرمنا الله في تلك اليومين بطقس بديع لم أشهد مثله في جدة منذ زمن بعيد ، وكان ذلك من حسن حظي إذ لم يسبق لي من قبل إلقاء أي محاضرة إلا في الأماكن المغلقة حسنة التهوية .
قدمتني حنان بمقدمة أعجبتني وأعادت لي ذكريات سعيدة حينما عرّفت بي بأنني زميلتها القديمة في الدراسة والحائزة على الترتيب الأول ولقب الطالبة الثالية ، ولأني أحب هذه المدرسة فأود أن تطلعوا على شيء من دار الحنان على عجالة . سريعاً هب علي عبق الذكريات السعيدة إلى أنى قمت لألقي كلمتي أمام جمهور من الناس لم يعيرونني انتباها كثيرا ، إذ أني تطفلت عليهم في جلساتهم عند قسم الطبق الخيري ثم طالبتهم بأن يستمعوا إليّ وأنا أحدثهم عن حقائق عن مرض السرطان ..
لابد أني أخطأت في ذلك .. فكرت أني إذا كنت أريد أن ألفت انتباه جمهور فلابد أن أراعي حالته النفسية .هم لم يحضروا إلى هنا للاستماع إلى موضوع علمي عن مرض يصوَّر دائماً بأنه مميت ، وإنما للوناسة وسعة الصدر ، فقررت أن أغير أسلوبي في اليوم التالي .
يوم الخميس ذهبت مبكرة نوعاً ما لأتفرج على أركان المهرجان .. الزحام كان أخف وحركة السير كانت أكثر تنظيما ، ولعلهم تداركوا الأمر بطريقة ما . قضيت الوقت ما بين المغرب والعشاء في تفقد الأركان .
دعوني أصف لكم المكان .. هو ملعب كرة مكسو بالعشب الطبيعي ، يغريك بكشافاته المتوهجة أن تذرعه جرياً ذهاباً وإياباً ..
في الركن الأيمن منه يقع قسم “مواكب الأجر” للبضائع المستعملة ، وهي فكرة جديدة وجديرة بالنجاح في مجتمعنا ، وتقوم على تبرع الناس بأي شيء عندهم حيث يتم تضبيطه وعرضه للبيع بأسعار زهيدة ، فتجد الكتب القديمة والتحف والفضيات والملابس والأثاث والألعاب والالكترونيات بأسعار مناسبة جدا ويذهب ريع المبيعات كباقي عائدات المهرجان إلى وقف الإحسان للأيتام والأرامل بجمعية أيتام الطائف .
وبعد مواكب الأجر اصطفت طاولات المبيعات التي استأجرها عدد من الأشخاص لبيع بضائعهم الخاصة . مشيت بينها أتفرج على المعروضات وقلبي مع قلاع القفز المنصوبة في صدر الملعب ، تستهويني ألوانها وتراودني الطفلة الشقية في داخلي أن أخلع حذائي وانضم إلى جوقة القافزين والقافزات الصغار .
ثم كان ركن التطبيقات الفيزيائية بإشراف الدكتورة ريم الطويرقي الفيزيائية السعودية الخلوقة والتي أحببتها لأول نظرة –وآخرها إذ أنني لم أرها إلا مرة واحدة فقط – استمتعت ابنتي لطيفة في هذا الركن حيث قامت مجموعة من طالبات الدكتورة ريم بإجراء بعض التجارب أمام الحضور وشرحها بطريقة سهلة ومحببة . أسعدني كثيراً هذا الركن إذ أنه عزز مفهوم التعليم بالترفيه لدى الزائرات الصغيرات ، كما أنه أضفى قيمة ثقافية كبيرة للمهرجان.
بعد ذلك زرت الأركان الفنية المتنوعة ما بين تلوين الحجارة والأكواب والجبس ، وصنع أباجورة شخصية وتلوين الطائرات الورقية وصناعة فواصل الكتب ، وتلوين الوجوه وتزيين الكب كيك والمزارع الصغير وغيرها من الأشياء المثيرة .
في ذاك الركن القصي كان بيت الأشباح .. حسناً لن أستطيع أن أخبركم عما كان بداخله فأنا جبانة فيما يختص بهذه الأمور، ولكن دعوني أؤكد لكم أن البيت كان عملاً فنياً ، وقد تم بناؤه خصيصاً لهذا المهرجان ..
في الجهة اليسرى من الملعب كان ركن الطبق الخيري ، وجلسات متفرقة للاستمتاع بالوجبة أو المشروبات المتنوعة ، أو مجرد الجلوس والتحدث إلى الأصدقاء في هذا الجو البديع . وإلى جواره كان ركن الأطفال الصغار حتى سن السادسة وفعاليات خاصة بهم ، وهناك قابلت الكاتبة هديل العباسي والتي كانت تقص قصصها للأطفال بطريقة مشوقة ثم توقع كتبها الثلاثة .. كتباً جميلة بلغة سهلة ، حتى شمس ذات الصف الأول الابتدائي تقرؤها ببساطة.. لم أشعر بالغربة .. هناك من يحكي حكاية ويوقع كتابه غيري !
في الركن البعيد كانت حديقة حيوان مصغرة فيها بضع خراف وديكة رومية وطاووس وثلاث أرانب ، تحلق حولها الأطفال وكأنهم ينظرون إلى مخلوقات فضائية ، ولكني عذرتهم ، فأنا نفسي أحب هذه الحيوانات اللطيفة .
وأخيراً كانت ثمة سينما ضخمة تعرض أفلاماً كرتونية للأطفال . اعذروني على الصور الرديئة ، ولكني لم أفكر أثناء تصويري أني سأحتاجها في تدوينة ، ناهيك عن أنني كنت أصور ليلاً .
المكان رائع والفعاليات أكثر روعة ، وكم تمنيت لو رجعت صغيرة لأستمتع بكل ركن في هذا المهرجان . الفتيات المتطوعات والبالغ عددهن 376 فتاة كن كالفراشات ، يعملن بنشاط وسرور والابتسامة لا تفارق محياهن على الرغم من الجهد الواضح الذي يبذلنه .. أعرف هذا الشعور ، فقد كنت أشعر به أيام الأسواق الخيرية ومعارض الكتاب التي كانت تقيمها دار الحنان في صغري .. شعور بالإثارة والبهجة والحماس المتوقد ..
إلا أن ما ضايقني هو لامبالاة الحضور بنظافة المكان على الرغم من انتشار سلال القمامة بشكل كبير حتى إنك لتخال أنك يكفيك أن تمد يدك لترمي فضلاتك حيثما كنت ، ومع ذلك فكنت أرى قوارير المياه والأطباق البلاستيكية والمناديل الورقية ملقاة بإهمال على الأرض معتمدين تماماً على عاملات النظافة المنتشرات في أرجاء الملعب . كما ضايقني اعتماد المشرفات على الأناشيد المصاحبة للموسيقى والتي يسميها الناس “إيقاعاً” بغير اسمها. أدرك تماماً أنهم سألوا شخصاً ما في حكمها فأفتاهم بالجواز على أساس أنها “إيقاع” وليست موسيقى ، ولكني تضايقت كثيراً ووددت لو أنهم تلافوا ذلك في المهرجانات التالية ويكتفوا بجو المرح العام والطاغي والذي لا يلزم معه أي مؤثرات خارجية تزيد الجو مرحاً وفرحاً مراعاة لمن لا يسمع الموسيقى والإيقاعات مثلي . والحق أني عندما كلمتهم بخفض الصوت وشرحت لهم وجهة نظري أجابوني لذلك مشكورين.
في الثامنة قدمتني حنان مرة أخرى للجمهور .. هذه المرة أثنت عليّ بما ليس فيّ وهذا من كرم أخلاقها ونبلها.
صعدت على المسرح وبدأت أحكي لهم قصتي مع سرطان الثدي . أربعين دقيقة مرت وأنا أتكلم . أحسست بتناغم مع هذا الجمهور الذي بدأ بالتجمع حولي .. حتى بعض الأطفال جلسوا في الكراسي الملونة يستمعون إلى قصتي . تفاعل الحضور واهتمامهم أثلج صدري ، ووجدت في هذه الكلمة أفضل فرصة لإيصال رسالتي إلى أكبر كمية من النساء يمكن تواجدها في مكان واحد .. رسالتي عن أهمية الكشف المبكر ، وعن ملاحظة اللطف الذي ينزله الله تعالى مع البلاء ، وعن إدراك نعم الله التي تحيط بنا وشكره عليها ، وهي أمور أكثر الحديث عنها في تدويناتي كما تعلمون .
أنهيت كلمتي ، وكم امتلأ قلبي فرحاً حين صفق الناس .. أحسست أن كلامي وصل إلى قلوبهم ، ودعوت الله أن ينفع بما قلت ..
توقيع الكتاب كان ممتعاً ، أشعرني بشيء من الزهو والأهمية .. وإجابة استفسارات الناس كانت متعة أخرى .
أشكر القائمين على المهرجان : متبرعين ومتطوعين ومسؤولين على إقامة هذا الحدث الترفيهي الجميل والذي نحتاج لمثله حتماً في بلادنا ، وكم نتمنى أن يُحذى حذو مؤسسة أيتام الطائف في هذا العمل لتكون أكثر من فعالية في العام فتغطي النقص الشديد في الترفيه المثمر والنافع . كما أشكر الأخت الحنونة حنان النويصر على استضافتي في هذا المهرجان وعلى جميع المتع التي عايشتها في تلك السويعات ..
0.000000
0.000000
أرسلت فى متع مبهجات | 9 تعليقات
فيك الخير والله … الله ينفع بك
اتمنى تتواصلين معي
جزاك الله خير
إذا رغبت في التواصل فعن طريق تويتر @hannooti
حضرت هذا المهرجان قبل سنتين وسمعت عنه بالصدفه وكان شئ في منتهى الروعه،اتمنى لو فيه طريقه نتواصل بيها مع المسؤلين عن هذا المهرجان لاني اتمنى ان اتطوع فيه في المرات القادمه واعرف متى موعده
يمكنك التواصل معهم عن طريق تويتر
@aytam_altaif
عزيزتي الغالية..
أولًا، كلمتك في المهرجان كانت مفيدة ومؤثرة جداً خاصة عندما قلت أنك تحمدين الله أن لم تصب إحدى بناتك وأنك أنت من اختارك الله بالابتلاء. ولقد ذهبت يوم السبت إلى طبيبة نسائية وعندي موعد ميموغرام غداً إن شاء الله 🙂
ثانيا، يشرفني جداً أن كتبي أعجبتك وأعجبت بناتك 🙂 حماهم الله و أقر عينك بهما..
جزاك الله خيرا على التدوينة الجميلة ورعاك الله.
سعيدة أنا يا هديل أن لقت كلمتي قبولا عندكم واسأل الله أن يمتعك بالصحة والعافية .
نورتينا وأنستينا أبلة هناء
وأنا رغم انشغالي وبأشرح للبنات وزحمة الأطفال عند الركن إلا إني كنت منصتة لكلامك واستفدت واتأثرت وللآن أتزكرو وانبسطت كمان بكتابك وتوقيعك عليه فجزاك الله خير
وجزاك خيرا أنت كذلك على تعليم البنات ما يفيدهم .. سعيدة بلقائك 🙂
روائية قصص مبدعه أنتي ياتراقيم♡ نقلك للحدث يكفي فخرا. أحببتك كثيرا وودت أن كنت من بين الحضور. أحببت المكان وسأسعى لزيارته.